للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لأسلنَّك منهم كما تُسَلّ الشعرة من العجين، فقال: "ائت أبا بكر، فإنَّه أعلم بأنساب القوم منك"، فكان يمضي لأبي بكر لِيَقِفه على أنسابهم، وكان يقول: كُفَّ عن فلان، وفلانة، واذكر فلانًا، وفلانة، فجعل حسان يهجوهم، فلما سمعت قريشٌ شعر حسان قالوا: إن هذا الشعر ما غاب عنه ابن أبي قحافة، فقال حسان -رضي الله عنه-[من الطويل]:

أَبلِغ أَبا سُفيَانَ أنَّ مُحمْدًا … هَوَ الغُضنُ ذُو الأفنَانِ لا الواحِدُ الوَغْدُ

ومَا لَكَ فِيهِم مَحتِدٌ يَعرِفونهُ … فَدُونَكَ فَالصَق مِثلَ مَا لَصِقَ القُردُ (١)

وإِنَّ سَنامَ المَجدِ في آلِ هَاشِم … بَنُو بِنتِ مَخْزُومٍ وَوَالِدُكَ العَبدُ

وَمَن وَلَدَت أبنَاءُ زُهرَةَ مِنْهُمُ … كِرَامٌ وَلَم يَقرَب عَجَائِزَكَ المَجدُ

وَلَستَ كَعَبَّاس وَلا كَابنِ أُمِّهِ … وَلكِن لَئِيمٌ لا يَقُومُ لَهُ زَندُ

وإن امْرَءًا كَانَتَ سُمَيَّةُ أُمَّهُ … وسَمرَاءُ مَغمُوزٌ إذا بُلِغَ الجَهدُ

وَأنتَ هَجِينٌ نِيطَ فِي آلِ هَاشِمٍ … كَمَا نِيطَ خَلفَ الرَّاكِبِ القَدَحُ الفَردُ

الأفنان: الأغصان، واحدها: فنن. والوغد: الدنيء من الرجال، والمَحتِد: الأصل. ودونك: ظرف قُصد به الإغراء، والمغرى به محذوف تقديره: فدونك محتدك فالصق به، والعرب تغري بـ "عليك" و "إليك" و "دونك". وسنام المجد: أرْفَعُه، والمجد: الشرف. قال أبو عمر: بنت مخزوم هي فاطمة بنت عمرو بن عابد بن عمران بن مخزوم، وهي: أم أبي طالب، وعبد الله، والزبير، بني عبد المطلب.

وقوله: "ومن ولدت أبناء زهرة منهم"؛ يعني: حمزة وصفية، أمهما: هالة ابنة أهيب بن عبد مناف بن زهرة، والعباس: هو ابن عبد المطلب، وابن أمه: شقيقه ضرار بن عبد المطلب، أمهما نسيبة: امرأة من النمر بن قاسط. وسميَّة: أم أبي سفيان، وسمراء: أم أبيه. واللؤم: اسم للبخل، ودناءة الأفعال والآباء. والمغموز: المعيب المطعون فيه، والهجين: من كانت أمه دنية، والمقرف: من كان أبوه دنيًّا. ونيط: أُلصق وعُلِّق، والقَدَح: يعني به: قدح الراكب الذي يكون تعليقه بعد إكمال وَقْر البعير؛ لأنَّه لا يُحفل به. ومنه


(١) "القُرْد" بضمّ، فسكون: جمعه قِردان: دُويبّة، كما في "القاموس".