للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ونَصَرَ دَلْعًا، ودُلُوعًا. انتهى (١).

(فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ)؛ أي: لسانه خارجِ فمه، (فَقَالَ) حسّان: (وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ) هو الله -عز وجل-، (لأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي فرْيَ الأَدِيمِ)؛ أي: لأمزّقنّ أعراضهم تمزيق الجلد، قاله النوويّ (٢).

وقال القرطبيّ: قوله: "لأفرينَّهم بلساني فَرْيَ الأديم"؛ أي: لأمزقنّهم بالهجو، كما يمزق الجلد بعد الدِّباغ؛ فإنَّه يُقطع خفافًا ونعالًا، وغير ذلك، وتشبيه حسان نفسه بالأسد الضارب بذنبه بحضرة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم-، وإقرار الكل عليه: دليل على بطلان قول من نسب حسَّان إلى الجُبن، ويتأيد هذا بأن حسان لم يزل يُهاجي قريشًا وغيرهم من خيار العرب، ويهاجونه، فلم يعيِّره أحد منهم بالجُبن، ولا نسبه إليه، والحكايات المنسوبة إليه في ذلك أنكرها كثير من أهل الأخبار، وقيل: إن حسَّان أصابه الجُبن عندما ضربه صفوان بن المعطل بالسيف؛ فكأنه اختل في إدراكه، والله تعالى أعلم. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: قد أسلفت الإنكار على هذه الحكاية، وما أحقّها بذلك، فحسان -رضي الله عنه- كان من الشجعان، فلو كان جبانًا لَمَا ترك المشركون طَعْنه به، فتنبّه، والله تعالى أعلم. (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَا تَعْجَلْ) بفتح أوله، وثالثه، من باب تعِبَ، (فَإنَّ أَبَا بَكْرٍ) الصديق -رضي الله عنه- (أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا، حَتَّى يُلَخِّصَ لَكَ نَسَبِي" أي: يفصلهم، ويُخرجهم عنهم، حتى لا يعمّهم الهجو. (فَأَتَاهُ)؛ أي: أبا بكر -رضي الله عنه-، (حَسَّانُ) -رضي الله عنه- (ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ لَخَّصَ لِي نَسَبَكَ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لأَسُلَّنَّكَ) من باب نصر، من السّلّ؛ أي: لآخذنّك، ولأُخرجنّك (مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ)؛ أي: والمعنى: لأتلطفَنّ في تخليص نسبك في هجوهم، بحيث لا يبقى جزء من نسبك في نسبهم الذي ناله الهجو، كما أن الشعرة إذا استُلّت من العجين لا يبقى منها شيء (٤)، (قَالَتْ


(١) "القاموس المحيط" ص ٤٤٢.
(٢) "شرح النوويّ" ١٦/ ٤٩.
(٣) "المفهم" ٦/ ٤٢٤ - ٤٢٥.
(٤) "الديباج على مسلم" ٥/ ٤٥٧.