للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَائِشَةُ) -رضي الله عنها-: (فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ لِحَسَّانَ: "إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ)؛ أي: جبريل -عليه السلام- لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ)؛ أي: يقوّيك، وينصرك بالإلهام، والتذكير، والمعونة، (مَا نَافَحْتَ) "ما" مصدريّة ظرفيّة؛ أي: مدَّة منافحتك، والمنافحة: المخاصمة، والمجادلة، وأصلها: الدَّفع، يقال: نفحت الناقة الحالب برجلها؛ أي: دفعته، ونفحه بسيفه؛ أي: ضربه به من بعيد (١).

(عَنِ اللهِ) -سبحانه وتعالى - (وَرَسُولِهِ") -صلى الله عليه وسلم-. (وَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "هَجَاهُمْ)؛ أي: قريشًا، (حَسَّانُ، فَشَفَى، وَاشْتَفَى" أي: شفى المؤمنين، واشتفى هو بما ناله من أعراض الكفار، ومزّقها، ونافح عن الإسلام والمسلمين، وقال القرطبيّ -رحمه الله-: أي: شفى الألم الذي أحدثه هجوهم، واشتفى هو في نفسه؛ أي: أصاب منهم بثأره شفاء. انتهى (٢).

(قَالَ حَسَّانُ) -رضي الله عنه- في إنشائه قصيدته لهجوهم:

(هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأجَبْتُ عَنْهُ … وَعِنْدَ اللهِ في ذَاكَ الْجَزَاءُ)

(هَجَوْتَ) خطاب لأبي سفيان بن الحارث (مُحَمَّدًا) -صلى الله عليه وسلم- (فَأَجَبْتُ) (٣) وفي نسخة: "وأجبت" (عَنْهُ، وَعِنْدَ اللهِ) تعالى (فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ)؛ لأنه من الجهاد في سبيل الله تعالى، قال القرطبيّ -رحمه الله-: وروي أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لما أنشده هذا البيت قال له: "جزاؤك عند الله الجنة" (٤).

(هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا تَقِيًّا (٥) … رَسُولَ اللهَ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ)

البرُّ: التَّقي، والحنيف: المائل عن الأديان كلها إلى دين إبراهيم -عليه السلام-، والشِّيمة: السَّجيَّة، والسَّليقة، والخليقة، والجبلَّة كلها: الطبيعة، قاله القرطبيّ -رَحِمَهُ الله- (٦).

وقال النوويّ -رحمه الله-: قوله: "بَرًّا تقيًّا"، وفي كثير من النسخ "حنيفًا": بدل "تقيًا"، فالبرّ بفتح الباء: الواسع الخير، وهو مأخوذ من الْبِرّ، بكسر الباء، وهو


(١) "المفهم" ٦/ ٤٢٤ - ٤٢٥.
(٢) "المفهم" ٦/ ٤٢٤ - ٤٢٥.
(٣) وفي نسخة: "وأجبت".
(٤) انظر: "الأغاني" ٤/ ١٦٣ والله أعلم بصحّته.
(٥) وفي نسخة: "برًّا حنيفًا".
(٦) "المفهم" ٦/ ٤٣١.