(يُبَارِينَ) وفي نسخة: "ينازعن" من المنازعة، والمباراة: المعارضة، والأعنّة: جمع عِنَان، وهو سَيْر اللجام الذي تُمسك به الدابّة.
وقوله:(مُصْعِدَاتٍ) منصوب على الحال، والإصعاد: التوجّه إلى الشيء والذهاب إليه، ولا يُطلق ذلك على الرجوع، والمعنى: أنها -يعني: الخيل- حين تتوجّه إلى الحرب، فإنها تعارض أعنّتها في الصلابة والقوّة؛ لأن العنان ربما يكون من الحديد، وقيل: إنها تضاهي أعنّتها في اللِّين، وسرعة الانقياد؛ يعني: أنها تنقاد لراكبها، كما أن أعنّتها تنقاد لحاملها، وقيل: المراد أنها تعارض أعنتها في الجذب؛ لقوّة نفوسها، وقوّة رؤوسها.
وقوله:(عَلَى أَكْتَافِهَا الأَسَلُ الظِّمَاءُ)"الأسل" بفتح الهمزة، والسين: الرماح، و "الظماء": جمع ظمأ؛ أي: العطاش، وفي بعض الروايات:"الأُسُد الظماء"، وهو جمع أَسَد، شبّه راكبيها بالأُسُد؛ لشجاعتهم، وصولتهم.
قوله:(تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ) قال ابن منظور في "اللسان": تمطّرت الخيل: ذهبت مسرعةً، وجاءت متمطّرةً؛ أي: جاءت يسبق بعضها بعضًا، و"تُلَطِّمهنّ" تفعيل من لطم يلطِم لطمًا: إذا ضرب خدّه، أو صفحة خدّه بكفه مفتوحةً، و "الخُمُر" على وزن كُتُب: جمع خِمار، وهو ما تغطّي به المرأة رأسها، وقد فسّر شُرّاح الحديث هذا الشِّعر بأن خيل المسلمين مسرعة في سَيْرها عند القتال، وأنها كريمة على أهلها، ولذلك تمسح النساء الغبار وجوهها بخُمُرها؛ إكرامًا لها، وإظهارًا لحبّهنّ لها.
وقد فسّر علماء الأدب بطريق آخر، وهوأنها تَتْبَع العدوّ مسرعة في سَيْرها، حتى إن نساء العدوّ يلطمن وجوهها بخمرهنّ ليردّوها عن أنفسهنّ، وهذا المعنى ألْيق بكلمة اللطم، وقد ذكروا أن ذلك وقع فعلًا عند فتح مكة، فكأن الله تعالى أجرى على لسان حسّان ما قدّره عند فتح مكة.