وقال: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} الآية [النور: ٥٥]، وقال: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} [الحج: ٤٠]، إلى غير ذلك، وقد دلَّ على هذا قوله بعد هذا:
وجِبرِيلُ رَسُولُ اللهِ فينا … ورُوحُ القُدسِ ليسَ لَهُ كِفَاءُ
أي: لا يقاومه أحد، ولا يماثله. وروح القدس: هو جبريل -عليه السلام-، والقدس: الطهارة، وهو معطوف على رسول الله، والكفاء: الكفؤ، وهو المثل.
وقالَ الله قد أَرسَلْتُ عَبدًا … يقُولُ الحقَّ إِن نَفَعَ البَلاءُ
أي: الابتلاء، وهو الاختبار، وقد ضمّن صدر هذا البيت معنى الابتلاء، ولذلك أشار بقوله: البلاء؛ لأنَّ اللام فيه للعهد لا للجنس، فتدبَّره، ورواية مسلم في هذا البيت:
......................... … يقُولُ الحَقَّ لَيسَ به خَفاءُ
ثم شهد حسَّان بتصديقه فقال:
شَهِدتُ به فَقُومُوا صدِّقُوه … فَقُلتُم لا نَقُومُ ولا نَشَاءُ
أي: لا نقوم لتصديقه، ولا نريده، فعاندوا، ولمّا كان ذلك قال:
وقَال اللهُ قَد يَسَّرتُ جُندًا … هُمُ الأَنصارُ عُرضَتُها اللِّقاءُ
أي: قَصدُها وهمُّها: لقاؤكم، وقتالكم؛ يعني: أنهم لمّا ظهر عنادهم، نصر الله نبيَّه بجند الأنصار، ولم يذكر المهاجرين؛ لأنَّهم لم يظهر لهم أثر إلا عند اجتماعهم بالأنصار، والله تعالى أعلم.
لَنا فِي كُلِّ يومٍ مِنْ مَعَدٍّ … سِبَابٌ أو قِتَالٌ أو هِجاءُ
هكذا رواية ابن إسحاق، ويروى: سباء من السَّبي، ومعناه واضح، فالهمزة مكان الباء، والذي في كتاب مسلم: يُلاقي كل يوم من معدٍّ سباب. ويعني بمعدٍّ: قريشًا، نَسَبَهم لمعدِّ بن عدنان، و "أو" في البيت للتنويع، ويعني بالسباب: السب نثرًا، وبالهجاء: السب نظمًا، والله تعالى أعلم. وقد دلَّ عليه قوله:
فَنُحكِم بالقَوَافي مَن هَجَانا … ونَضرِبُ حِينَ تَختَلِطُ الدِّماءُ
فنحكم: نمنع، ويعني: أنه يجيب الهاجي بأبلغ من هجائه، وأصعب