للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والأباطيل، والمستحيل في الأصول والفروع، والملاحم والزهد، نسأل الله العافية، فمن روى ذلك مع عِلْمه ببطلانه، وغرّ المؤمنين، فهذا ظالم لنفسه، جانٍ على السنن والآثار، يستتاب من ذلك، فإن أناب وأقصر، وإلا فهو فاسق كفى به إثمًا أن يحدّث بكلِّ ما سمع، وإن هو لم يعلم، فليتورعّ، وليستعن بمن يُعينه على تنقية مروياته، نسأل الله العافية، فلقد عمّ البلاء، وشملت الغفلة، ودخل الداخل على المحدّثين الذين يركن إليهم المسلمون، فلا عُتبى على الفقهاء وأهل الكلام. انتهى كلام الذهبيّ (١).

وأخرج مسدد من طريق عاصم بن محمد بن يزيد بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، كان ابن عمر إذا سمع أبا هريرة يتكلم قال: إنا نعرف ما يقول، ولكنا نجبُن ويجترئ. وفي "فوائد المزكى"، تخريج الدارقطني من طريق عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رفعه: "إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع على يمينه"، فقال له مروان: أما يكفي أحدنا ممشاه إلى المسجد حتى يضطجع؟ قال: لا، فبلغ ذلك ابن عمر، فقال: أكثر أبو هريرة، فقيل لابن عمر: هل تُنكر شيئًا مما يقول؟ قال: لا، ولكنه اجترأ وجبُنَّا، فبلغ ذلك أبا هريرة، فقال: ما ذنبي إن كنت حفظت ونسوا. وقد أخرج أبو داود الحديث المرفوع. وأخرج ابن سعد من طريق الوليد بن رباح، سمعت أبا هريرة يقول لمروان حين أرادوا أن يدفنوا الحسن عند جده: تَدْخُل فيما لا يعنيك؟ وكان الأمير يومئذ غيره، ولكنك تريد رضا الغائب، فغضب مروان، وقال: إن الناس يقولون: أكثر أبو هريرة الحديث، وإنما قدم قبل وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيسير، فقال أبو هريرة: قدمت ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بخير، وأنا يومئذ قد زدت على الثلاثين، فأقمت معه حتى مات، أدور معه في بيوت نسائه، وأخدمه، وأغزو معه، وأحج، فكنت أعلم الناس بحديثه، وقد والله سبقني قوم بصحبته، فكانوا يعرفون لزومي له، فيسألونني عن حديثه، منهم عمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، ولا والله لا يخفى عليَّ كل حديث كان بالمدينة، وكل من كانت له من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منزلة، ومن أخرجه من المدينة أن يساكنه،


(١) راجع: "سير أعلام النبلاء" ٢/ ٦٠١ - ٦٠٢.