للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي كَثِيرٍ) السُّحَيميّ اليماميّ، وقوله: (يَزِيدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بالجرِّ بدلًا، أو عطف بيان لِمَا قبله، أنه قال: (حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- (قَالَ: كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي) قال ابن بشكوال: هي أُميمة بنت صبيح (١). (إِلَى الإِسْلَام، وَهِيَ مُشْرِكَةٌ، فَدَعَوْتُهَا) إلى الإسلام (يَوْمًا، فَأَسْمَعَتْنِي فِي رَسُول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مَا أَكْرَهُ)؛ أي: تكلّمت في شأنه -صلى الله عليه وسلم- بشيء مكروه، بأن عابت من دينه شيئًا. (فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَأَنَا أَبْكِي) جملة حاليّة من الفاعل، وإنما بكى إما لِمَا سمعه من المكروه في رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو لمّا أيس من إسلام أمه (٢). (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الإِسْلَامِ، فَتَأْبَى عَلَيَّ)؛ أي: تمتنع من الدخول فيما دعوتها، (فَدَعَوْتُهَا الْيَوْمَ)؛ أي: في هذا اليوم، فـ "أل" للعهد الحضوريّ، (فَأَسْمَعَتْنِي فِيكَ مَا أَكْرَهُ، فَادْعُ اللهَ أَنْ يَهْدِيَ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ") قال أبو هريرة رضي الله عنه-: (فَخَرَجْتُ مُسْتَبْشِرًا)؛ أي: فَرِحًا (بِدَعْوَةِ نَبِيِّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) لأمه، (فَلَمَّا جِئْتُ، فَصِرْتُ إِلَى الْبَابِ، فَإذَا هُوَ مُجَافٌ) "إذا" هي الفجائيّة؛ أي: ففاجأني كونه مُجافًا، بضمّ الميم: اسم مفعول من أجاب الباب: إذا أغلقه. (فَسَمِعَتْ أُمِّي خَشْفَ قَدَمَيَّ) بفتح الخاء والشين المعجمتين، وبسكون الشين أيضًا؛ أي: صوتهما في الأرض، وقال المجد -رحمه الله-: الْخَشْف، والْخَشْفة؛ أي: بسكون الشين: وُيحرَّك: الصوت، والحركة، أو الحِسّ الخفيّ، قال: وخَشَفَ، كضَرَبَ، ونصرَ: صَوَّتَ. انتهى (٣).

(فَقَالَتْ: مَكَانَكَ) منصوب على الإغراء؛ أي: الزم مكانك، ولا تتحرك إلى غيره، (يَا أَبَا هُرَيْرَةَ) قال أبو هريرة: (وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ)؛ أي: صوت تحريكه، وإنما سمعه؛ لأن أمه كانت تغتسل. (قَالَ) أبو هريرة: (فَاغْتَسَلَتْ، وَلَبِسَتْ) بكسر الباء الموحّدة، (دِرْعَهَا) بكسر الدال، وسكون الراء، آخره عين مهملة؛ أي: قميصها، (وَعَجِلَتْ) بكسر الجيم؛ أي: استعجلت (عَنْ خِمَارِهَا)؛ أي: عن لُبسه؛ يعني: أنها لاستعجالها نسيت أن تلبس خمارها؛


(١) "تنبيه المعلم" ص ٤١٨.
(٢) "تكملة فتح الملهم" ٥/ ٢٥٣.
(٣) "القاموس المحيط" ص ٣٧١.