للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "والله الموعد"؛ أي: الرجوع إلى الله بحكم الوعد الصَّادق، فيجازي كُلًّا على قوله، وفعله. انتهى (١).

وقال في "العمدة": قوله: "والله الموعد" إما مصدر ميميّ، وإما اسم زمان، أو اسم مكان، وعلى كل تقدير لا يصح أن يُخْبَر به عن الله تعالى، ولكن لا بدّ من إضمار، تقديره في كونه مصدرًا: والله هو الواعد، وإطلاق المصدر على الفاعل للمبالغة؛ يعني: الواعد في فعله بالخير والشرّ، والوعد يُستعمل في الخير والشرّ، يقال: وعدته خيرًا، ووعدته شرًّا، فإذا أُسقط الخير والشرّ، يقال في الخير: الوعد، والْعِدَة، وفي الشرّ: الإيعاد، والوعيد، وتقديره في كونه اسم زمان: وعند الله الموعد يوم القيامة، وتقديره في كونه اسم مكان: وعند الله الموعد في الحشر.

وحاصل المعنى على كل تقدير: فالله تعالى يحاسبني إن تعمّدت كذبًا، ويحاسب مَن ظنّ بي ظن السوء. انتهى (٢).

(كُنْتُ رَجُلًا) في رواية البخاريّ: "امرءًا"، (مِسْكِينًا)؛ أي: لا مال لي يَشغلني عن حضور مجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كما يشغل الآخرين، (أَخْدِمُ) بكسر الدال، وضمّها، من بابي نصر، وضرب (٣)، وفي رواية: "ألزم" (رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى مِلْءِ بَطْنِي) -بكسر الميم- أي: مُقتنعًا بالقوت، قال النوويّ رحمه الله: أي: ألازمه، وأقنع بقوتي، ولا أجمع مالًا لذخيرة، ولا غيرها، ولا أزيد على قوتي، والمراد: من حيث حَصل القوت من الوجوه المباحة، وليس هو من الخدمة بالأجرة. انتهى (٤).

وقال في "الفتح": قوله: "على ملء بطني" بكسر الميم، وبهمزة آخره؛ أي: بسبب شِبَعِي؛ أي: إن السبب الأصليّ الذي اقتَضَى كثرةَ الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ملازمته له؛ ليجد ما يأكله؛ لأنه لم يكن له شيء يتّجر فيه، ولا أرض يزرعها، ولا يعمل فيها، فكان لا ينقطع عنه؛ خشيةَ أن يفوته القوت، فيحصلُ في هذه الملازمة من سماع الأقوال، ورواية الأفعال ما لا يحصل


(١) "المفهم" ٦/ ٤٣٦.
(٢) "عمدة القاري" ١٢/ ١٨٨.
(٣) راجع: "القاموس" ص ٣٥٤.
(٤) "شرح النوويّ" ١٦/ ٥٣.