وقوله:"قال: لا أدري الآية في الحديث أو قول عمرو" هذا الشك من سفيان بن عيينة، كما سأوضحه.
وقوله: حدّثنا "عليّ" هو ابن المدينيّ، قال:"قيل لسفيان: في هذا فنزلت: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} الآية، قال سفيان: هذا في حديث الناس"؛ يعني: هذه الزيادة، يريد: الجزم برفع هذا القَدْر.
وقوله:"حفظته من عمرو، ما تركت منه حرفًا، وما أرى أحدًا حفظه غيري"، وهذا يدلّ على أن هذه الزيادة لم يكن سفيان يجزم برفعها، وقد أدرجها عنه ابن أبي عمر، أخرجه الإسماعيليّ من طريقه، فقال في آخر الحديث: قال: وفيه نزلت هذه الآية، وكذا أخرجه مسلم، عن ابن أبي عمر، وعمرو الناقد، وكذا أخرجه الطبريّ عن عُبيد بن إسماعيل، والفضل بن الصباح، والنسائيُّ عن محمد بن منصور، كلهم عن سفيان.
وأخرجه مسلم أيضًا عن إسحاق بن راهويه، عن سفيان، وبيَّن أن تلاوة الآية من قول سفيان.
ووقع عند الطبريّ من طريق أخرى عن عليّ الجزم بذلك، لكنه من أحد رواة الحديث حبيب بن أبي ثابت الكوفيّ أحد التابعين، وبه جزم إسحاق في روايته عن محمد بن جعفر، عن عروة في هذه القصّة، وكذا جزم به معمر عن الزهريّ، عن عروة، وأخرج ابن مردويه من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أنس، قال:"لما أراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسير إلى مشركي قريش، كتب إليهم حاطب بن أبي بلتعة يُحَذِّرهم. . ."، فذكر الحديث إلى أن قال:"فأنزل الله فيه القرآن: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} الآية"، قال الإسماعيليّ في آخر الحديث أيضًا:"قال عمرو؛ أي: ابن دينار: وقد رأيت ابن أبي رافع، وكان كاتبًا لعليّ". انتهى (١)، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عليّ -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(١) "الفتح" ١٠/ ٦٨٦ - ٦٨٧، كتاب "التفسير" رقم (٤٨٩٠).