ولذلك لم يُزَل عن أحد ممن بُشِّر بالمغفرة، أو بالجنة خوف التبديل والتغيير من المؤاخذة على الذنوب، ولا ملازمة التوبة منها، والاستغفار دائمًا، ثم إن الله تعالى أظهر صدق رسوله -صلى الله عليه وسلم- للعيان في كل من أخبر عنه بشيء من ذلك؛ فإنَّهم لم يزالوا على أعمال أهل الجنة من أمور الدين، ومراعاة أحواله، والتمسك بأعمال البر والخير إلى أن تُوُفُّوا على ذلك، ومن وقع منهم في معصية، أو مخالفة لجأ إلى التوبة، ولازَمَها حتى لقي الله تعالى عليها، يَعْلَم ذلك قطعًا من أحوالهم من طالع سِيَرهم، وأخبارهم. انتهى كلام القرطبيّ -رحمه اللهُ- (١)، وإنما نقلت كلامه بطوله، وإن كان سبق في كلام الحافظ؛ لغزارة فوائده، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
وقوله:(وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ وَزُهَيْرٍ ذِكْرُ الآيَةِ)؛ يعني: أن رواية أبي بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب ليس فيها ذكر الآية الكريمة، وإنما هو لعمرو الناقد، وابن أبي عمر.
وقوله:(وَجَعَلَهَا إِسْحَاقُ في رِوَايَتِهِ مِنْ تِلَاوَةِ سُفْيَانَ)؛ يعني: أن إسحاق بن راهوية جعل تلاوة الآية الكريمة من سفيان بن عيينة، وليس مرفوعًا.
[تنبيه]: زاد البخاريّ في آخر هذا الحديث ما نصّه: "قال عمرو: ونزلت فيه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} قال: لا أدري الآيةَ في الحديث، أو قول عمرو.
ثم قال: حدّثنا عليّ، قال: قيل لسفيان في هذا، فنزلت:{لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} الآية، قال سفيان: هذا في حديث الناس، حفِظته من عمرو، ما تركت منه حرفًا، وما أدري أحدًا حَفِظه غيري". انتهى.
قال في "الفتح": قوله: "قال عمرو" هو ابن دينار، وهو موصول بالإسناد المذكور.