وصلاتهم في أوقات مختلفة، وفي أماكن مختلفة لا يردّه العقل، وقد ثبت به النقل، فَدَلَّ ذلك على حياتهم.
قال الحافظ رَحِمَهُ اللهُ بعد نقله عن البيهقيّ رَحِمَهُ اللهُ ما تقدّم: وإذا ثبت أنهم أحياء من حيث النقل، فإنه يُقَوِّيه من حيث النظر كون الشهداء أحياء بنص القرآن، والأنبياء أفضل من الشهداء.
قال: ومن شواهد الحديث ما أخرجه أبو داود، من حديث أبي هريرة رفعه، وقال فيه:"وصَلُّوا عليّ، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم"، وسنده صحيح، وأخرجه أبو الشيخ في "كتاب الثواب" بسند جيد، بلفظ:"مَن صَلَّى عليّ عند قبري سمعته، ومن صلَّى عليّ نائيًا بُلِّغْتُهُ"، وعند أبي داود، والنسائيّ، وصححه ابن خزيمة وغيره، عن أوس بن أوس، رفعه، في فضل يوم الجمعة:"فأكثروا عليّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ"، قالوا: يا رسول الله، وكيف تُعْرَضُ صلاتنا عليك وقد أَرَمْتَ؟، قال:"إن الله حَرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء". انتهى (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد اتّضح بما ذكر أن أرجح الأجوبة هو القول بأن الحديث على ظاهر ما دلّ عليه من أن الأنبياء يصلّون ويَحجّون، فما صحّ لدينا من الأدلّة بأنهم يفعلون كذا حملناه على ظاهره، دون أي توقّف، والله تعالى قادر على كلّ شيء، وهم أهل لإكرامهم بما ذُكر، فتأمل بالإنصاف، ولا تسلك سبيل الاعتساف، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
[تنبيه]: ومما يُسْتَشكل على ما تقدم ما أخرجه أبو داود بسنده عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، رفعه:"ما من أحد يُسَلِّم عليّ إلا رَدّ الله عليّ روحي، حتى أرد عليه السلامَ"، ورواته ثقات.
ووجه الإشكال فيه أن ظاهره أن عَوْد الروح إلى الجسد يَقتضي انفصالها عنه، وهو الموت.