قبورهم بعد أربعين ليلة، ولكنهم يصلّون بين يدي الله، حتى يُنفَخ في الصور"، ومحمد سيئ الحفظ.
وذكر الغزاليّ، ثم الرافعيّ حديثًا مرفوعًا: "أنا أكرم على ربي من أن يتركني في قبري بعد ثلاث، ولا أصلي له"، إلا إن أُخذ من رواية ابن أبي ليلى هذه، وليس الأخذ بجيد؛ لأن رواية ابن أبي ليلى قابلة للتأويل.
قال البيهقيّ: إن صَحّ فالمراد أنهم لا يُترَكون يصلّون إلا هذا المقدار (١)، ثم يكونون مصلين بين يدي الله، قال البيهقيّ: وشاهد الحديث الأول ما ثبت في "صحيح مسلم" من رواية حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، رفعه: "مررت بموسى ليلةَ أُسري بي عند الكثيب الأحمر، وهو قائم يصلي في قبره". وأخرجه أيضًا من وجه آخر عن أنس.
[فإن قيل]: هذا خاصّ بموسى عليه السلام.
[قلنا]: قد وجدنا له شاهدًا من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، أخرجه مسلم أيضًا، من طريق عبد الله بن الفضل، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - رفعه: "لقد رأيتني في الحِجْر، وقريش تسألني عن مسراي … " الحديث، وفيه: "وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء، فإذا موسى قائم يصلي، فإذا رجل ضَرْبٌ جَعْدٌ، كأنه من رجال شنوءة، وإذا عيسى ابن مريم عليه السلام قائم يصلي، أقرب الناس به شَبَهًا عروة بن مسعود الثقفيّ، وإذا إبراهيم؛ قائم يصلي، أشبه الناس به صاحبكم - يعني نفسه - فحانت الصلاة فأممتهم … ".
قال البيهقيّ: وفي حديث سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه لقيهم ببيت المقدس، فحضرت الصلاة، فأَمَّهم نبيّنا - صلى الله عليه وسلم -، ثم اجتمعوا في بيت المقدس، وفي حديث أبي ذرّ، ومالك بن صعصعة في قصة الإسراء، أنه لقيهم بالسماوات، وطرق ذلك صحيحة، فيحمل على أنه رأى موسى قائمًا يصلي في قبره، ثم عُرِج به هو، ومن ذَكَر من الأنبياء إلى السماوات، فلقيهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم اجتمعوا في بيت المقدس، فحضرت الصلاة فأمَّهم نبينا - صلى الله عليه وسلم -، قال:
(١) هكذا عبارة "الفتح"، وفيها ركاكة؛ فليُنظر، والله تعالى أعلم.