للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عمر -رضي الله عنه- بضرب عنق حاطب، ومذهب الشافعي، وطائفة: أن الجاسوس المسلم يعزّر، ولا يجوز قَتْله، وقال بعض المالكية: يُقتل، إلا أن يتوب، وبعضهم: يُقتل وإن تاب، وقال مالك: يجتهد فيه الإمام. انتهى (١).

٧ - (ومنها): بيان فضل أهل بدر، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: "لعلّ الله اطّلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم"، ولعلّ هنا للتحقيق، وهذه بشارة عظيمة لم تقع لغيرهم، ووقع الخبر بألفاظ منها: "فقد غفرت لكم"، ومنها: "فقد وجبت لكم الجنة"، ومنها: "لعل الله اطلع"، لكن قال العلماء: إن الترجّي في كلام الله تعالى، ورسوله -صلى الله عليه وسلم- للوقوع، وقد جاء صريحًا عند أحمد، وغيره بلفظ: "إن الله اطّلع على أهل بدر، فقال: اعملوا. . ." الحديث.

٨ - (ومنها): أنه استُدِلّ باستئذان عمر على قَتْل حاطب لمشروعية قتل الجاسوس، ولو كان مسلمًا، وهو قول مالك، ومن وافقه، ووجه الدلالة أنه -صلى الله عليه وسلم- أقرّ عمر على إرادة القتل لولا المانع، وبَيَّن المانع، وهو كون حاطب شهد بدرًا، وهذا مُنتفٍ في غير حاطب، فلو كان الإسلام مانعًا من قَتْله لَمَا عَلَّل بأخصّ منه، قاله في "الفتح".

وقال في "العمدة": فيه هَتْك سرّ الجاسوس رجلًا كان، أو امرأةً؛ إذا كانت في ذلك مصلحة، أو كان في الستر مفسدة، وقال الداوديّ: الجاسوس يُقتل، وإنما نفى القتل عن حاطب لِمَا عَلِم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- منه، ولكن مذهب الشافعيّ وطائفة أن الجاسوس المسلم يعزّر، ولا يجوز قتله، وإن كان ذا هيئة عُفي عنه؛ لهذا الحديث، وعن أبي حنيفة، والأوزاعيّ: يوجَع عقوبةً، ويطال حبسه، وقال ابن وهب من المالكية: يُقتل إلا أن يتوب، وعن بعضهم: أنه يُقتل إذا كانت عادته ذلك، وبه قال ابن الماجشون، وقال ابن القاسم: يُضرب عنقه؛ لأنه لا تُعرف توبته، وبه قال سحنون، ومن قال بقتله، فقد خالف الحديث، وأقوال المتقدمين، وقال الأوزاعيّ: فإن كان كافرًا يكون ناقضًا للعهد، وقال أصبغ: الجاسوس الحربي يُقتل، والمسلم، والذمي يعاقبان، إلا أن يُظاهِرا على الإسلام، فيُقتلان. انتهى.


(١) "شرح النوويّ" ١٦/ ٥٥ - ٥٦.