للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:

أنه من سُداسيّات المصنّف -رحمه الله-، وأنه مسلسل بالكوفيين من أوله إلى آخره، وفيه رواية الراوي عن جدّه، عن أبيه، وأن صحابيّه من كبار علماء الصحابة -رضي الله عنهم-.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي مُوسَى) عبد الله بن قيس الأشعريّ -رضي الله عنه-؛ أنه (قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَهُوَ نَازِلٌ بِالْجِعْرَانَةِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ) الجعرانة بكسر الجيم، وسكون العين المهملة، وتخفيف الراء، وقد تُكْسَر العين، وتُشدّد الراء، وهي بين الطائف ومكة، وإلى مكة أقرب، قاله عياض، وقال الفاكهيّ: بينها وبين مكة بَريد، وقال الباجيّ: ثمانية عشر ميلًا، وقد أنكر الداوديّ الشارح قوله: "إن الجعرانة بين مكة والمدينة"، وقال: إنما هي بين مكة والطائف، وكذا جزم النوويّ بأن الجعرانة بين الطائف ومكة، وهو مقتضى ما تقدم نَقْله عن الفاكهي وغيره، قاله في "الفتح" (١).

وقوله: (وَمَعَهُ بِلَالٌ) جملة حاليّة، (فَأَتَى رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ أَعْرَابِيٌّ) لم يُعرف اسمه، كما قال الحافظ. (فَقَالَ: أَلَا تُنْجِزُ لِي يَا مُحَمَّدُ مَا وَعَدْتَنِي) يَحْتَمِل أن الوعد كان خاصًّا به، ويَحْتَمِل أن يكون عامًّا، وكان طلبه أن يعجّل له نصيبه من الغنيمة، فإنه -صلى الله عليه وسلم- كان أمر أن تُجمع غنائم حُنين بالجعرانة، وتَوَجَّه هو بالعساكر إلى الطائف، فلما رجع منها قَسَم الغنائم حينئذ بالجعرانة، فلهذا وقع في كثير ممن كان حديث عهد بالإسلام استبطاءُ الغنيمة، واستنجاز قسمتها (٢).

(فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَبْشِرْ") بهمزة قطع؛ يعني: أبشر أيها الأعرابيّ بقرب القسمة، أو الثواب الجزيل على الصبر (٣). قال القرطبيّ -رحمه اللهُ-: وقوله -صلى الله عليه وسلم- للأعرابي: "أبشر"، ولم يذكر له عين ما بشّره به؛ لأنَّه -والله أعلم- قَصَد تبشيره بالخير على العموم الذي يصلح لخير الدنيا والآخرة، ولمّا جَهِل ذلك


(١) "الفتح" ٩/ ٤٥٤، كتاب "المغازي" رقم (٤٣٢٨)، و"عمدة القاري" ١٧/ ٣٠٦.
(٢) "الفتح" ٩/ ٤٥٤، كتاب "المغازي" رقم (٤٣٢٨).
(٣) "عمدة القاري" ١٧/ ٣٠٦.