للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي بُرْدَةَ) تقدّم أن الأصحّ أن اسمه كنيته، وقيل: عامر، وقيل: الحارث. (عَنْ أَبِيهِ) أبي موسى الأشعريّ عبد الله بن قيس -رضي الله عنه-؛ أنه (قَالَ: لَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ حُنَيْنٍ)؛ أي: من غزوة حُنين، وهو مُصَغّرٌ: وادٍ بين مكة والطائف، وهو مذكّر منصرف، وقد يؤنث على معنى البقعة (١).

وقصة حنين: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فتح مكة في رمضان سنة ثمان، ثم خرج منها لقتال هوازن وثقيف، وقد بقيت أيام من رمضان، فسار إلى حُنين، فلما التقى الجمعان انكشف المسلمون، ثم أمدّهم الله بنصره، فعطفوا، وقاتلوا المشركين، فهزموهم، وغَنِموا أموالهم، وعيالهم، ثم صار المشركون إلى أوطاس، فمنهم من سار على نخلة اليمانية، ومنهم من سلك الثنايا، وتَبِعَت خيل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من سلك نخلة، ويقال: إنه -صلى الله عليه وسلم- أقام عليها يومًا وليلةً، ثم صار إلى أوطاس، فاقتتلوا، وانهزم المشركون إلى الطائف، وغَنِم المسلمون منها أيضًا أموالهم وعيالهم، ثم صار إلى الطائف، فقاتلهم بقية شوال، فلما أهلّ ذو القعدة ترك القتال؛ لأنه شهر حرام، ورحل راجعًا، فنزل الجعرانة، وقسم بها غنائم أوطاس، وحُنينٍ، ويقال: كانت ستة آلاف سبي، وقد تقدّم تمام البحث في هذا في "كتاب الجهاد" في "بابٌ في غزوة حُنين" برقم [٢٨/ ٤٦٠٣] (١٧٧٥) فراجعه تستفد علْمًاَ جَمًّا، وبالله تعالى التوفيق.

(بَعَثَ) بالبناء للفاعل؛ أي: بعث النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (أَبَا عَامِرٍ) هو عُبيد بن سُليم بن حَضّار الأشعريّ، وهو عمّ أبي موسى، وقال ابن إسحاق: هو ابن عمه، والأول أشهر، قاله في "الفتح" (٢).

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: بعثُ أبي عامر إنما كان لتتبّع مُنهزِمة هوازن بحُنين، ويُسمَّى خيله: خيل الطلب، وكان أبو عامر هذا من كبار الصحابة -رضي الله عنهم-، عقد له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لواءً يوم ولّاه على هذا الجيش، وختم الله تعالى له بالشهادة،


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٥٤.
(٢) "الفتح" ٩/ ٤٤٧، كتاب "المغازي" رقم (٤٣٢٣).