للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والرَّفِيقُ: الذي يُرَافِقُكَ، قال الخليل: ولا يذهب اسم الرَّفِيقِ بالتفرق. انتهى (١).

وقال المجد -رَحِمَهُ اللهُ-: الرُّفْقَةُ مُثَلَّثَةً، وكثُمامةٍ: جَماعةٌ تُرافِقُهُم، جمْعه ككِتابٍ، وأصحابٍ، وصُرَدٍ، والرَّفِيقُ: المُرافِقُ، جَمْعه: رُفَقاءُ، فإذا تَفَرَّقوا: ذَهبَ اسمُ الرُّفْقَةِ، لا اسمُ الرَّفِيقِ: للواحدِ، والجَميعِ، والمَصْدَرُ: الرَّفاقةُ، كالسَّماحَةِ، والرُّفْقَةُ: اسمٌ للجَمْعِ، جَمْعه: كعِنَبٍ، وصُرَدٍ، وحِبالٍ. انتهى (٢).

وقوله: (بِالْقُرْآنِ) متعلّق بـ "أصواتهم"، وفيه أن رفع الصوت بالقرآن بالليل مستحسَن، لكن محله إذا لَمْ يؤذ أحدًا، وأَمِن من الرياء. (حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ) قال في "الفتح": بالدال، والخاء المعجمة، لجميع رواة البخاريّ ومسلم، وحَكَى عياض عن بعض رواة مسلم بالراء، والحاء المهملة، وصوّبَها الدمياطيّ في البخاريّ، وهو عجيب منه، فان الرواية بالدال، والمعجمة، والمعنى صحيح، فلا معنى للتغيير، وقد نقل عياض عن بعض الناس اختيار الرواية التي بالراء والمهملة، قال النوويّ: والرواية الأُولى صحيحة، أو أصحّ، والمراد: يدخلون منازلهم إذا خرجوا إلى المسجد، أو إلى شغل ما، ثم رجعوا. انتهى.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل"؛ كذا صحَّت الرواية فيه بالدال المهملة، والخاء المعجمة، من الدخول، وقد رواه بعضهم: يرحلون بالراء، والحاء المهملة، من الرحيل، قال بعض علمائنا: وهو الصواب، يشير إلى أنهم كانوا يلازمون قراءة القرآن في حال رحيلهم، وفي حالة نزولهم، وكأنّ الأشعريين كثيرٌ فيهم قراءةُ القرآن بسبب أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه-، فإنَّه كان من أحسن الناس صوتًا بالقرآن، فكان يقرأ لهم، فتطيب لهم قراءته، فتعلموا منه القرآن، وأحبُّوه فلازموه، والله تعالى أعلم. انتهى (٣).

(وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ) بالفتح: جمع منزل؛ أي: محلّ نزولهم، (مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ)؛ يعني: أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٣٤.
(٢) "القاموس المحيط" ١/ ١١٤٥.
(٣) "المفهم" ٦/ ٤٥١.