للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَأْتُونِي (١) أَرْسَالًا، يَسْأَلُونِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، مَا مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ، وَلَا أعْظَمُ فِي أَنْفُسِهِمْ، مِمَّا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى، وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِّي).

قال الجامع عفا الله عنه: إسناد هذا الحديث هو الإسناد الذي تقدّم قبل حديث، فلا حاجة إلى شرحه.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي مُوسَى) عبد الله بن قيس الأشعريّ -رضي الله عنه-؛ أنه (قَالَ: بَلَغَنَا مَخْرَجُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لفظ "مخرج" مصدر ميميّ بمعنى الخروج، مرفوعٌ؛ لأنه فاعل "بلغنا"، وهو بفتح الغين، وقوله: (وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ) الواو للحال، وقال في "الفتح": ظاهره أنهم لَمْ يبلغهم شأن النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا بعد الهجرة بمدة طويلة، وهذا إن كان أراد بالمخرج البعثة، وإن أراد الهجرة، فَيَحْتَمِل أن تكون بَلَغتهم الدعوة، فأسلموا، وأقاموا ببلادهم إلى أن عرفوا بالهجرة، فعزموا عليها، وإنما تأخروا هذه المدة، إما لعدم بلوغ الخبر إليهم بذلك، وإما لعِلمهم بما كان المسلمون فيه من المحاربة مع الكفار، فلمّا بلغتهم المهادنة آمنوا، وطلبوا الوصول إليه.

وقد روى ابن منده من وجه آخر عن أبي بردة، عن أبيه: "خرجنا إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى جئنا مكة أنا وأخوك، وأبو عامر بن قيس، وأبو رُهْم، ومحمد بن قيس، وأبو بردة، وخمسون من الأشعريين، وستة من عكّ، ثم خرجنا في البحر حتى أتينا المدينة"، وصححه ابن حبان من هذا الوجه.

ويُجمَع بينه وبين ما في "الصحيح" أنهم مرّوا بمكة في حال مجيئهم إلى المدينة، ويجوز أن يكونوا دخلوا مكة؛ لأن ذلك كان في الْهُدْنة. انتهى (٢).

(فَخَرَجْنَا) حال كوننا (مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ) -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقوله: (أَنَا) أتى به ليمكنه عَطْف ما بعده على الضمير المرفوع المتّصل، كما قال في "الخلاصة":


(١) وفي نسخة: "يأتونني".
(٢) "الفتح" ٩/ ٣٢٨، كتاب "المغازي" رقم (٤٣٣٠).