للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"خرجنا" المذكور، و"إمّا" موطئة للشكّ، وما بعدها معطوف عليها مشكوك فيه، وقد وقع في بعض النسخ: "إما قال: بضع" بإسقاط الهاء، وبالرفع مع نصب "وخمسين"، وذلك لَحْن واضح، والأول الصواب. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي ادعاه القرطبيّ من أن الصواب "بضعةً"، وأن "بضعًا" بدون الهاء لحن، ليس كما قال، بل الوجهان صحيحان مستعملان، فقد ذكر النحاة أن لبضع، وبضعة حكم تسع، وتسعة في التذكير والتأنيث، وتسع وتسعة إذا لَمْ يُذْكَر المعدود بعدهما تمييزًا يجوز فيهما التذكير والتأنيث، فكذا هنا، على أنَّ نُسخ مسلم التي بين يديّ كلها "بضعًا" بلا هاء.

والحاصل: أن "بضعًا"، و"بضعة" هنا صحيح الاستعمال، فتنبّه، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى أعلم.

(وَإِمَّا قَالَ: ثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ، أَوِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي) قال في "الفتح": وفي رواية المستملي: "من قومه"، وقد بيَّن في الرواية الأخرى: أنهم كانوا خمسين من الأشعريين، وهم قومه، فلعل الزائد على ذلك هو وإخوته، فمن قال: اثنين أراد مَنْ ذَكَرهما في حديث الباب، وهما أبو بردة، وأبو رُهم، ومن قال: ثلاثة، أو أكثر فعلى الخلاف في عدد من كان معه من إخوته.

وأخرج البلاذريّ بسند له عن ابن عباس أنهم كانوا أربعين رجلًا.

والجمع بينه وبين ما قبله بالحمل على الأصول، والأتباع، وأما ابن إسحاق فقال: كانوا ستة عشر رجلًا، وقيل: أقلّ. انتهى (٢).

(قَالَ: فَرَكِبْنَا سَفِينَةً، فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا) بالرفع على الفاعليّة، (إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ) النجاشيّ بفتح النون، وتشديد الياء، وتخفيفها، وهو اسم مَن مَلَك الحبشة (٣). (فَوَافَقْنَا)؛ أي: صادفنا بأرض الحبشة (جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِب) -رضي الله عنه- (وَأَصْحَابَهُ)؛ أي: الصحابة الذين هاجروا مع جعفر -رضي الله عنهم- إلى الحبشة (عِنْدَهُ)؛ أي: عند النَّجاشيّ، (فَقَالَ جَعْفَرٌ) به: (إِنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَنَا هَا هُنا)؛ أي:


(١) "المفهم" ٦/ ٤٥٩.
(٢) "الفتح" ٩/ ٣٢٨، كتاب "المغازي" رقم (٤٣٣٠).
(٣) "عمدة القاري" ١٧/ ٢٥٢.