للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أخرجه ابن حبان، ومن وجه آخر، عن أبي بردة، عن أبي موسى. انتهى (١).

(قَالَتْ) أسماء، وهذا يَحْتَمِل أن يكون من رواية أبي موسى عنها، فيكون من رواية صحابيّ عن مثله، ويَحْتَمِل أن يكون من رواية أبي بردة عنها، ويؤيده قوله بعد هذا: "قال أبو بردة: قالت أسماء": (فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى) الأشعريّ (وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ)؛ أي: جعفرًا ومن معه، (يَأْتُونِي) بحذف إحدى النونين؛ للتخفيف، وفي بعض النُّسخ: "يأتونني" بالنونين، الأُولى نون الرفع، والثانية نون الوقاية. (أَرْسَالًا) بفتح الهمزة؛ أي: أفواجًا، يتبع بعضهم بعضًا، والواحد رَسَلٌ بفتحتين (٢).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: أرسالًا بفتح الهمزة؛ أي: فوجًا بعد فوج، يقال: أورد إبله أَرسالًا؛ أي: متقطعة، متتابعة، وأوردها عِرَاكًا؛ أي: مجتمعة، والله أعلم. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قولها: "يأتوني أرسالًا"؛ أي: متتابعين جماعةً بعد جماعة، وواحد الأرسال: رَسَلٌ، مثلُ سبب وأسباب، يقال: جاءت الخيل أرسالًا؛ أي: قطعة قطعة. انتهى (٤).

(يَسْأَلُونِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ) المراد قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ليسوا بأحقّ بي منكم، لهم هجرة واحدة، ولكم هجرتان"، (مَا) نافية، (مِنَ الدُّنْيَا) بيان مقدّم لقولها "شيءٌ"، فهو متعلّق بحال، على قاعدة: نعتُ النكرة إذا قُدّم أُعرب حالًا. (شَيْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ) جملة في محل رفع صفة لـ "شيء"، (وَلَا أَعْظَمُ) بالرفع عطفًا على "أفرحُ"، (فِي أَنْفُسِهِمْ، مِمَّا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) "ما" مصدريّة؛ أي: من قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المذكور، ويَحتَمل أن تكون موصولة، بتقدبر العائد؛ أي: من القول الذي قاله رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: تعني: ما من الدنيا شيء يحصل به ثواب عند الله تعالى هو في نفوسهم أعظم قدرًا، ولا أكثر أجرًا، مما تضمَّنه هذا القول؛ لأنَّ


(١) "الفتح" ٩/ ٣٢٩، كتاب "المغازي" رقم (٤٣٣٠).
(٢) عمدة القاري" ١٧/ ٢٥٣.
(٣) "شرح النوويّ" ١٦/ ٦٥ - ٦٦.
(٤) "المفهم" ٦/ ٤٦١، و"المصباح المنير" ١/ ٢٢٦.