٢ - (ومنها): أنه إنما فرّق بين شيخيه، ولم يقرُن بينهما؛ للاختلاف بينهما في شيئين:
(الأول): أن قتيبة قال: "حدّثنا"؛ إشارة إلى أنه إنما أخذه سماعًا من لفظ شيخه، ومحمد بن رُمح قال: "أخبرنا"؛ إشارةً إلى أنه إنما سمعه من شيخه بقراءة غيره عليه.
(الثاني): أن قتيبة قال: "ليثٌ" بدون "أل"، وقال ابن رُمح: "الليث" بـ "أل"، وكلاهما جائز؛ لأن "أل" هنا للمح الأصل، يجوز ذكرها وحذفها، كما قال في "الخلاصة":
وَبَعْضُ الأعْلَامِ عَلَيْهِ دَخَلَا … لِلَمْحِ مَا قَدْ كَانَ عَنْهُ نُقِلَا
كَالفَضْلِ وَالحَارِثِ وَالنُّعْمَانِ … فَذِكْرُ ذَا وَحَذْفُهُ سِيَّانِ
٣ - (ومنها): أن رجاله رجال الجماعة، غير شيخه محمد، فقد تفرّد به هو وابن ماجه.
٤ - (ومنها): أن هذه الرواية مما يؤمن فيه تدليس أبي الزبير؛ لأنها من رواية الليث عنه، وهو لا يروي عنه إلا ما سمعه من جابر - رضي الله عنه -، فقد قال سعيد بن أبي مريم: حدّثنا الليث، قال: جئتُ أبا الزبير، فدَفَع لي كتابين، فسألته: أسمعت هذا كلّه عن جابر؟ قال: لا، فيه ما سمعت، وفيه ما لم أسمع، قلت: فأَعْلم لي على ما سمعتَ منه، فاعلم لي على هذا الذي عندي. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: قد نظمت هذا الذي ذكره الليث مع قاعدة رواية شعبة عن شيوخه المدلّسين، كأبي إسحاق السبيعيّ، وقتادة، والأعمش، وكذلك رواية يحيى القطّان عن شيوخه المدلّسين، فقلت:
شُعْبَةُ لَا يَرْوِي عَنِ المُدَلِّسِ … إِلَّا الَّذِي سَمِعَهُ فَاسْتَأْنِسِ
لِذَا إِذَا رَوَى عَنِ الأَعْمَشِ أَوْ … قَتَادَةٍ أَوِ السَّبِيعِي مَا رَوَوْا
مُعَنْعَنًا لَا تَخْشَ تَدْلِيسًا فَقَدْ … كَفَاكَهُ هَذَا الإِمَامُ المُعْتَمَدْ
وَهَكَذَا القَطَّانُ لَا يَرْوِي لِمَنْ … دَلَّسَ مَا لَيْسَ سَمَاعًا يُؤْتَمَنْ
كَذَاكَ عَنْ أَبِي الزبَيْرِ اللَّيْثُ إِنْ … رَوَى فَلَا تَدْلِيسَ تَخْشَ يَا فَطِنْ
فَإِنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرَ مَا … سَمِعَهُ مِنْ جَابِرٍ فَلْتَعْلَمَا