للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هَذِي فَوَائِدُ عَزِيزَةُ المَنَالْ … يَصبُو لَهَا مَنْ هَمُّهُ ضَبْطُ الرِّجَالْ

٥ - (ومنها): أن جابرًا - رضي الله عنه - أحد المكثرين السبعة من الصحابة - رضي الله عنهم -، روى (١٥٤٠) حديثًا، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ جَابِرٍ) - رضي الله عنه - (أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "عُرِضَ) بالبناء للمفعول، أي: أُريتُ، يقال: عَرَضَ عليه الشيءَ، من باب ضرب: إذا أراه إيّاه (١). (عَلَيَّ الْأَنْبِيَاءُ) الظاهر أن هذا العرض ليلة الإسراء، ويحتمل أن يكون في غيرها، والله تعالى أعلم.

(فَإِذَا) هي الفجائيّة (مُوسَى ضَرْبٌ مِنَ الرِّجَالِ) بفتح الضاد المعجمة، وإسكان الراء، قال القاضي عياض رَحِمَهُ اللهُ: هو الرجل بين الرجلين في كثرة اللحم وقِلّته، وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: الضرب من الرجال الذي له جسم بين جسمين، ليس بالضخم، ولا بالضَّئيل، قال طرفة [من الطويل]:

أَنَا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الَّذِي تَعْرِفُونَهُ … خُشَاشٌ (٢) كَرَأْسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّدِ

وسيأتي في الرواية التالية بلفظ: "مُضْطَربٌ" وهو الطويل غير الشديد، وهو ضدّ جَعْدِ اللحم، مُكْتَنزه، وقال عياضٌ رَحِمَهُ اللهُ: لكن يَحْتَمِلُ أن الرواية الأولى أصحّ، يعني رواية "ضَرْبٌ لقوله في الرواية الأخرى: "حَسِبته قال: مضطرب"، فقد ضَعُفت هذه الرواية للشك، ومخالفة الأخرى التي لا شكّ فيها، وفي الرواية الأخرى: "جَسِيمٌ سَبِطٌ"، وهذا يَرْجِع إلى الطويل، ولا يُتَأَوَّلُ جسيم بمعنى سَمِين؛ لأنه ضِدُّ "ضَرْب"، وهذا إنما جاء في صفة الدجال. انتهى كلام القاضي عياض رَحِمَهُ اللهُ (٣).


(١) راجع: "القاموس المحيط" ص ٥٨٠.
(٢) في خاء خشاش الحركات الثلاث، وهو اللطيف الرأس، قاله ابن السّكّيت، وقال أبو عبيد: هو الرجل الخفيف، وأيضًا الحيّة، وأيضًا ما يخش به البعير، وهو العُود الذي يُدخَل في أنف البعير عَرْضًا، ويُخرج طرفاه من الجهتين، وفيهما حبل يقاد به، فإذا استصعب جُذِب به، فيؤلمه فينقاد، ومنه الحديث الآتي في آخر الكتاب في خبر الشجرة: "فانقادت عليه كالبعير المخشوش". "شرح الأبيّ" ١/ ٣٢٢.
(٣) "إكمال المعلم" ٢/ ٧٠١.