للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وتعقّبه النوويّ رَحِمَهُ اللهُ، فقال: وهذا الذي قاله من تضعيف رواية "مُضْطَرب"، وأنها مخالفة لرواية "ضَرْب"، لا يُوَافَقُ عليه، فإنه لا مخالفة بينهما، فقد قال أهل اللغة: "الضرْبُ": هو الرجل الخفيف اللحم، كذا قاله ابن السِّكِّيت في "الإصلاح"، وصا حب "المجمل"، والزبيديّ، والجوهريّ، وآخرون لا يحصون. انتهى كلام النوويّ رَحِمَهُ اللهُ، وهو تعّقب حسنٌ، والله تعالى أعلم.

(كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ) تقدّم الكلام على هذه الجملة، وأن المراد تشبيهه بهذه القبيلة في الطول؛ لأنها معروفة به (وَرَأَيْتُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عليه السلام، فَإِذَا) للمفاجأة أيضًا (أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَهًا) أي: مماثلًا، وانتصابه على الحال، قال المجد رَحِمَهُ اللهُ: "الشِّبْهُ" بالكسر، والتحريك، وكأمير: المِثْلُ، جمعه أشباهٌ، وشابهه، وأشبهه: ماثله. انتهى (١).

وقال الفيّوميّ رَحِمَهُ اللهُ: "الشَّبَهُ" بفتحتين، والشَّبِيه مثلُ كريم، والشِّبْه بالكسر، مثلُ حِمْلٍ: المشابه، وشبَهتُ الشيءَ بالشيء: أقمته مُقامه لصفة جامعة بينهما، وتكون تلك الصفة ذاتيّةً ومعنويّةً، فالذاتيّة كهذا الدرهم كهذا الدرهم، وهذا السواد كهذا السواد، والمعنويّة نحو: زيدٌ كالأسد أو كالحمار، أي: في شدّته وبلادته، وزيد كعمرو، أي: في قوّته، وكَرَمه وشبَهِه، وقد يكون مجازًا، نحو: الغائب كالمعدوم. انتهى (٢).

(عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ) بن مُعَتِّب - بالمهملة، والمثناة المشددة - بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف الثقفيّ، وهو عَمُّ والد المغيرة بن شعبة، وأمه سُبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف، أخت آمنة، كان أحد الأكابر من قومه، وقيل: إنه المراد بقوله: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (٣١)} [الزخرف: ٣١]، قال ابن عباس، وعكرمة، ومحمد بن كعب، وقتادة، والسُّدّيّ: المراد بالقريتين: مكة والمدينة (٣)، وثبت ذكر عروة بن


(١) "القاموس المحيط" ص ١١٢٣.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٣٠٣.
(٣) اختلفوا في تعيين الرجل المراد، فعن قتادة: أرادوا الوليد بن المغيرة، من أهل مكة، وعروة بن مسعود الثقفيّ من أهل الطائف، وعن مجاهد: عتبة بن ربيعة، =