للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كَرِشِي) -بفتح الكاف، وكسر الراء-؛ أي: بطانتي، وخاصتي، قال القزّاز: ضرب المثل بالكَرِش؛ لأنه مستقر غذاء الحيوان الذي يكون فيه نماؤه، ويقال لفلان: كَرِش منثورة؛ أي: عيال كثيرة. (وَعَيْبَتِي) -بفتح العين المهملة، وسكون المثناة، بعدها موحّدة- ما يَحْرُز فيه الرجل نفيس ما عنده، يريد أنهم موضع سرّه، وأمانته، قال ابن دريد: هذا من كلامه -صلى الله عليه وسلم- الموجَز الذي لم يُسْبَق إليه، وقال غيره: الكرش بمنزلة المعدة للإنسان، والعيبة مُستودَع الثياب، والأول أمر باطن، والثاني أمر ظاهر، فكأنه ضَرَب المَثَل بهما في إرادة اختصاصهم بأموره الباطنة والظاهرة، والأول أَولى، وكلّ من الأمرين مستودَع لِمَا يخفى فيه، ذَكَره في "الفتح" (١).

وقال النوويّ -رحمه الله-: "كريشي، وعيبتي" قال العلماء: معناه: جماعتي، وخاصّتي الذين أَثِقُ بهم، وأعتمدهم في أموري، قال الخطابيّ: ضَرَب مثلًا بالكرش؛ لأنه مستقر غذاء الحيوان الذي يكون به بقاؤه، والعيبة: وعاءٌ معروف، أكبر من الْمِخلاة، يحفظ الإنسان فيها ثيابه، وفاخر متاعه، ويصونها، ضَرَبها مَثَلًا؛ لأنهم أهل سرّه، وخفيّ أحواله. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: "كَرِشي، وعيبتي"؛ أي: جماعتي التي أنضمُّ إليها، وخاصتي التي أُفضي بأسراري إليها، والكَرِش لِمَا يجترّ؛ كالمعدة للإنسان، والْحَوْصلة للطائر، والكرش مؤنثة، وفيها لغتان: كَرِش -بفتح الكاف، وكسر الراء-. وكِرْش -بكسر الكاف وسكون الراء-: مثل كَبِد وكِبْد، وكرشُ الرجل: عيالُه، وصغارُ وَلَده، والكرش: الجماعة، وهي الْمَعْنِيّةُ بالحديث، وأصلُ العيبة: ما تُجعل فيه الثياب الرفيعة، والجمع عِيَب، كَبَذرَةٍ وبِدَر، وتُجمع أيضًا: عِيابًا وعَيبات. انتهى (٣).

(وَإِنَّ النَّاسَ)؛ أي: غير الأنصار (سَيَكْثُرُونَ، وَيَقِلُّونَ)؛ أي: الأنصار، (فَاقْبَلُوا) بوصل الهمزة، أمْر من قَبِل، من تعِبَ، ومفعوله محذوف دلّ عليه


(١) "الفتح" ٨/ ٥٠٠ رقم (٣٨٠١)، و"عمدة القاري" ١٦/ ٢٦٦.
(٢) "شرح النوويّ" ١٦/ ٦٨.
(٣) "المفهم" ٦/ ٤٦٧ - ٤٦٨.