للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في مقاتلته، ودحض باطله، وفي رواية الشعبيّ عن أبي هريرة التالية: "هم أشدّ الناس قتالًا في الملاحم"، وهي أعمّ من رواية أبي زرعة هذه، ويمكن أن يُحْمَل العامّ في ذلك على الخاصّ، فيكون المراد بالملاحم: أكبرها، وهو قتال الدجال، أو ذَكَر الدجال ليدخل غيره بطريق الأَولى (١).

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "هم أشد أمتي على الدجال" تصريح بأن بني تميم لا ينقطع نَسْلهم إلى يوم القيامة، وبأنهم يتمسكون في ذلك الوقت بالحقّ، ويقاتلون عليه، وفي الرواية الأخرى: "هم أشد الناس قتالًا في الملاحم"؛ يعني: الملاحم التي تكون بين يدي الدجال، أو مع الدجال، والله تعالى أعلم. انتهى (٢).

(قَالَ) أبو هريرة: (وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ)؛ أي: صدقات بني تميم إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ووقع عند الطبرانيّ في "الأوسط" من طريق الشعبيّ، عن أبي هريرة في هذا الحديث: "وأُتي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بنَعَم من صدقة بني سعد، فلما راعه حُسْنها قال: هذه صدقة قومي". انتهى، وبنو سعد بطن كبير شهير من تميم، يُنسبون إلى سعد بن زيد مناة بن تميم، من أشهرهم في الصحابة: قيس بن عاصم بن سنان بن خالد السعديّ، قال فيه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "هذا سيد أهل الْوَبَر" (٣).

(فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِنَا") فأضافهم إلى نفسه، ففيه غاية التشريف والتكريم.

وقال في "الفتح": إنما نسبهم -صلى الله عليه وسلم- إليه؛ لاجتماع نسبهم بنسبه -صلى الله عليه وسلم- في إلياس بن مضر. (قَالَ: وَكَانَتْ سَبِيَّةٌ) -بفتح السين المهملة، وكسر الموحّدة، وتشديد التحتانية، وتخفيفها، ثم همزة- أي: جارية مَسبيّة، فَعِيلة بمعنى مفعولة.

(مِنْهُمْ)؛ أي: من بني تميم، وللبخاريّ: "فيهم"؛ أي: في بني تميم، والمراد: بطن منهم، وقد وقع عند الإسماعيليّ من طريق أبي معمر، عن جرير:


(١) " الفتح" ٦/ ٣٧٤، كتاب "العتق" رقم (٢٥٤٣).
(٢) "المفهم" ٦/ ٤٧٦.
(٣) "الفتح" ٦/ ٣٧٥، كتاب "العتق" رقم (٢٥٤٣).