للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رجال هذا الإسناد: ستة:

وكلهم تقدّموا قريبًا.

[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:

أنه من سُداسيّات المصنّف -رحمه الله-، وأن نصفه الأول مسلسلٌ بالمصريين، والثاني بالمدنيين، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وفيه ابن المسيّب أحد الفقهاء السبعة، وفيه أبو هريرة -رضي الله عنه- رأس المكثرين السبعة.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه-؛ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ)؛ أي: أصولًا مختلفةً، والمعادن: جمع معدن، وهو الشيء المستقِرّ في الأرض، فتارةً يكون نفيسًا، وتارةً يكون خسيسًا، وكذلك الناس (١).

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله -صلى الله عليه وسلم-: "تجدون الناس معادن أي: كالمعادن، وهو مَثَلٌ، وقد جاء في حديث آخر: "الناس معادن، كمعادن الذهب والفضة ووجه التمثيل: أن المعادن مشتملة على جواهر مختلفة، منها النفيس، والخسيس، وكلّ من المعادن يُخرج ما في أصله، وكذلك الناس كل منهم يَظهر عليه ما في أصله؛ فمن كان ذا شرف في الجاهلية، فأسلم لم يَزِدْه الإسلام إلا شرفًا؛ فإنْ تفقّه في دين الله، فقد وصل إلى غاية الشرف؛ إذ قد اجتمعت له أسباب الشرف كلها، فيصدق عليه قوله: "فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا".

والمعادن: واحدها معدن -بكسر الدال-؛ لأنَّه موضع العدن؛ أي: الإقامة اللازمة، ومنه: جنات عدن، وسمّي المعدن بذلك؛ لأنَّ الناس يقيمون فيه صيفًا وشتاءً، قاله الجوهريّ. انتهى (٢).

(فَخِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلَامِ) وجه التشبيه أن المعدن لمّا كان إذا استُخرج ظهر ما اختفى منه، ولا تتغير صفته، فكذلك صفة الشرف لا


(١) "الفتح" ٨/ ١٤٧، كتاب "المناقب" رقم (٣٤٩٣).
(٢) "المفهم" ٦/ ٤٧٧.