للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تتغير في ذاتها، بل مَن كان شريفًا في الجاهلية، فهو بالنسبة إلى أهل الجاهلية رأس، فإن أسلم استمرّ شرفه، وكان أشرف ممن أسلم من المشروفين في الجاهلية (١). (إِذَا فَقُهُوا) بضمّ القاف، ويجوز كسرها، وفيه إشارة إلى أن الشرف الإسلاميّ لا يتمّ إلا بالتفقه في الدين، وعلى هذا فتنقسم الناس أربعة أقسام، مع ما يقابلها:

الأول: شريف في الجاهلية، أسلم، وتفقه، ويقابله مَشرُوف في الجاهلية، لم يسلم، ولم يتفقه.

الثاني: شريف في الجاهلية، أسلم، ولم يتفقه، ويقابله مشروف في الجاهلية، لم يُسلم، وتفقه.

الثالث: شريف في الجاهلية، لم يسلم، ولم يتفقه، ويقابله مشروف في الجاهلية، أسلم، ثم تفقه.

الرابع: شريف في الجاهلية، لم يسلم، وتفقه، ويقابله مشروف في الجاهلية أسلم، ولم يتفقه. فأرفعُ الأقسام مَن شَرُف في الجاهلية، ثم أسلم، وتفقه، ويليه من كان مشروفًا، ثم أسلم، وتفقه، ويليه من كان شريفًا في الجاهلية، ثم أسلم، ولم يتفقه، ويليه من كان مشروفًا، ثم أسلم، ولم يتفقه، وأما من لم يسلم، فلا اعتبار به، سواء كان شريفًا، أو مشروفًا، وسواء تفقه، أو لم يتفقه، والله أعلم.

والمراد بالخيار والشرف وغير ذلك: مَن كان متصفًا بمحاسن الأخلاق؛ كالكرم، والعفّة، والحِلم، وغيرها، متوقيًا لمساويها؛ كالبخل، والفجور، والظلم، وغيرها (٢).

(وَتَجِدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ) قال القرطبيّ -رحمه الله-: هكذا الرواية: "من خير الناس"، وهي لبيان جنس الخيرية؛ كأنه قال: تجدون أكره الناس في هذا الأمر من خيارهم، ويصحّ أن يقال على مذهب الكوفيين: إنها زائدة؛ فإنَّهم


(١) "الفتح" ٨/ ١٤٧ - ١٤٨، كتاب "المناقب" رقم (٣٤٩٣).
(٢) "الفتح" ٨/ ١٤٨، كتاب "المناقب" رقم (٣٤٩٣).