"عن أبي الزناد"، فلابن عيينة في هذا الحديث سندان: أحدهما عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، والثاني: عن ابن طاوس - (عَنْ أَبِيهِ) طاوس بن كيسان، (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه-؛ أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "خَيْرُ نِسَاءٍ) مبتدأ خبره قوله: "نساء قريش"، وفي الرواية الآتية: ""نِسَاءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ"، وقوله:(رَكِبْنَ الإِبلَ) صفة لـ "نساء"، وهو كناية عن العرب، قال سفيان بن عيينة:(قَالَ أَحَدُهُمَا)؛ أي: أحد الشيخين: أبو الزناد، أو عبد الله بن طاوس، (صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ)؛ أي: بزيادة لفظة "صالح"، (وَقَالَ الآخَرُ -: نِسَاءُ قُرَيْشٍ) بحذف لفظة "صالح"، سيأتي من رواية معمر عن ابن طاوس أنه هو الذي زاد لفظة:"صالح".
فقوله:"نساء قريش" هذا المطلق محمول على المقيَّد؛ أعني:"صالح نساء قريش"، فالمحكوم له بالخيرية الصالحات من نساء قريش، لا على العموم، والمراد بالصلاح هنا: صلاح الدِّين، وحُسْن المخالطة مع الزوج، ونحو ذلك، أفاده في "الفتح"(١).
وقال في "الفتح" أيضًا: قوله: "خير نساء ركبن الإبل نساء قريش، وقال الآخر: صالح نساء قريش"، في رواية الكشميهنيّ:"صُلَّح" بضم الصاد المهملة، وتشديد اللام، بعدها جاء مهملة، وهي صيغة جمع.
وحاصله: أن أحد شيخَيْ سفيان اقتصر على "نساء قريش"، وزاد الآخر:"صالح"، قال: ولم أره عن سفيان إلا مبهمًا، لكن ظهر من رواية شعيب، عن أبي الزناد الماضية في أول "النكاح"، ومن رواية معمر، عن ابن طاوس عند مسلم أن الذي زاد لفظة "صالح" هو ابن طاوس، ووقع في أوله عند مسلم من طريق الزهريّ عن سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- بيان سبب الحديث، ولفظه:"أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- خطب أم هانئ بنت أبي طالب، فقالت: يا رسول الله، إني قد كَبِرت، وَلي عيال. . ."، فذكر الحديث.
وقوله:(أَحْنَاهُ) بحاء مهملة، ثم نون، من الْحُنُوّ، وهو العطف،