للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والشفقة، قال ابن التين: الحانية عند أهل اللغة: التي تُقيم على ولدها، فلا تتزوج، فإن تزوجت فليست بحانية.

وقال في "العمدة": قوله: "أحناه على طفل"؛ يعني: أشفقه، وأعطفه، وكان القياس أن يقال: أحناهنّ، لكن قالوا: العرب لا تتكلم في مثله إلا مفردًا، وقال ابن الأثير: إنما وَحَّد الضمير ذهابًا إلى المعنى، تقديره: أحنى مَن وُجِد، أو خُلق، أو مَن هناك، ومثله قوله: "أحسن الناس وجهًا، وأحسنه خُلُقًا"، يريد: أحسنهم خُلقًا، وهو كثير في العربية، ومن أفصح الكلام، وأحنى على وزن أفعل التفضيل، من حَنَى يحنو، أو حَنَى يعني، ومنه الحانية، وهي التي تقيم على ولدها، ولا تتزوج شفقةً وعطفًا، ويقال: حَنَت المرأة على ولدها تحنو: إذا لم تتزوج بعد أبيهم.

وفي "التوضيح": وفي بعض الكتب: أحنّاه بتشديد النون، وقال ابن التين: ولعله مأخوذ من الحنان، وهو الرحمة، ومنه حنين المرأة، وهو نزاعها إلى ولدها، وإن لم يكن لها صوت عند ذلك، وقد يكون حنينها: صوتها، على ما جاء في الحديث من حنين الجذع، والأصل فيه: ترجيع الناقة صوتها على إثر ولدها. انتهى (١).

وقال في "الفتح": قوله: "أحناه" بسكون المهملة، بعدها نون: أكثره شفقةً، والحانية على ولدها هي التي تقوم عليهم في حال يُتْمهم، فلا تتزوج، فإن تزوجت فليست بحانية، قاله الهرويّ، وجاء الضمير مذكّرًا، وكان القياس أحناهنّ، وكأنه ذُكِّر باعتبار اللفظ، والجنس، أو الشخص، أو الإنسان، وجاء نحو ذلك في حديث أنس -رضي الله عنه-: "كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس وجهًا، وأحسنه خَلقًا"، بالإفراد في الثاني، وحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- في قول أبي سفيان: "عندي أحسن العرب، وأجمله، أم حبيبة" بالإفراد في الثاني أيضًا، قال أبو حاتم السجستانيّ: لا يكادون يتكلمون به إلا مفردًا. انتهى (٢).

وقوله: (عَلَى يَتِيمٍ فِي صِغَرِهِ) وفي الرواية التالية: "على ولده في صغره"،


(١) "عمدة القاري" ١٦/ ٢٦.
(٢) "الفتح" ١١/ ٣٤٩، كتاب "النكاح" رقم (٥٠٨٢).