للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال ابن إسحاق: تحامل الوليد بن عتبة على حسين بن عليّ في مال له لسلطان الوليد؛ فإنَّه كان أميرًا على المدينة. فقال له حسين: أحلف بالله لتنصفني، من حقي، أو لآخذن سيفي، ثم لأقومن في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم لأَدْعُوَنَّ بحلف الفضول، قال عبد الله بن الزبير: وأنا أحلف بالله لئن دعانا لآخذن سيفي، ثم لأقومن معه حتى ينتصف من حقه، أو نموت جميعًا، وبلغت المسور بن مخرمة، فقال مثل ذلك، وبلغت عبد الله بن عثمان بن عبيد الله التيميّ، فقال مثل ذلك، فلما بلغ ذلك الوليد أنصفه. انتهى (١).

وقال ابن الأثير -رحمه الله-: أصل الحلف: المعاقدة، والمعاهدة على التعاضد، والتساعد، والاتفاق، فما كان منه في الجاهلية على الفتن، والقتال بين القبائل، والغارات، فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا حلف في الإسلام"، وما كان في الجاهلية على نصر المظلوم، وصلة الأرحام؛ كحلف المطيبين، وما جرى مجراه فذلك الذي قال فيه - صلى الله عليه وسلم -: "وأيما حلف كان في الجاهلية، لم يزده الإسلام إلا شدّةً"، يريد: من المعاقدة على الخير، ونصرة الحقّ، وبذلك يجتمع الحديثان، وهذا الحلف الذي يقتضيه الإسلام، والممنوع منه ما خالف حكم الإسلام.

وقيل: المحالفة كانت قبل الفتح، وقوله: "لا حلف في الإسلام" قاله زمن الفتح، فكان ناسخًا، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبو بكر - رضي الله عنه - من المطيبين، وكان عمر - رضي الله عنه - من الأحلاف، والأحلاف ست قبائل: عبد الدار، وجُمَح، ومخزوم، وعديّ، وكعب، وسَهْم، سُمُّوا بذلك؛ لأنهم لمّا أرادت بنو عبد مناف أخْذَ ما في أيدي عبد الدار من الحجابة، والرفادة، واللواء، والسقاية، وأبَتْ عبد الدار عَقَد كل قوم على أمرهم حِلْفًا مؤكَّدًا على أن لا يتخاذلوا، فأخرجت بنو عبد مناف جَفْنة مملوءة طيبًا، فوضعتها لأحلافهم،


= إنما هو حلف الفضول، وذلك أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يُدرِك حلف المطيّبين؛ لأن ذلك كان قديمًا قبل أن يولد بزمان، وأما السابقة التي ذكرها، فيُشبه أن يريد بها سابقة خديجة - رضي الله عنها - إلى الإسلام، فإنها أول امرأة أسلمت. انتهى.
(١) "المفهم" ٦/ ٤٨٣ - ٤٨٤.