للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وغَزَوَانًا، قاله المجد -رحمه الله- (١). (فِئَامٌ) بكسر الفاء، وفتح الهمزة، ويقال: فيام، بياء مخففة، وفيه لغة أخرى، وهي فتح الفاء، ذكره ابن عبديس، وفي "التهذيب": العامة تقول: فيام، وهي الجماعة من الناس، قال صاحب "العين": ولا واحد له من لفظه (٢). وقوله: (مِنَ النَّاسِ) بيان لـ "فئام"، (فَيُقَالُ لَهُمْ)؛ أي: للفئام الغزاة؛ أي: يقول بعضهم لبعض: (فِيكُمْ) بتقدير همزة الاستفهام؛ أي: أفيكم (مَنْ رَأَى رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟) وفي لفظ: "هل فيكم من صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ " بَدَل "من رأى"، وقوله: "من رأى … إلخ" ردّ لقول جماعة من المتصوفة القائلين: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يره أحد في صورته، ذَكَره السمعانيّ (٣).

وقال ابن بطال -رحمه الله-: هو كقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر: "خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"؛ لأنه يُفتح للصحابة - رضي الله عنهم -؛ لِفَضْلهم، ثم للتابعين لفضلهم، ثم لتابعيهم لفضلهم، قال: ولذلك كان الصلاح، والفضل، والنصر للطبقة الرابعة أقلّ، فكيف بمن بَعْدَهم؟ والله المستعان. أنتهى (٤).

وفيه معجزة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفضيلة لأصحابه، وتابعيهم - رضي الله عنهم -.

(فَيَقُولُونَ)؛ أي: يجيب المسؤولون بقولهم: (نَعَمْ)؛ أي: معنا من رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، (فَيُفْتَحُ لَهُمْ) ببناء الفعل للمفعول؛ أي: يفتح الله تعالى لهم بلد العدوّ، ويهزمهم، فتُغنم أموالهم، وتسبى ذراريّهم بسبب ذلك الصحابيّ، وبركة رؤيته للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -. (ثُمَّ يَغْزُو فِئَامٌ)؛ أي: جماعة أُخَر (مِنَ النَّاس، فَيُقَالُ لَهُمْ: فِيكُمْ مَنْ رَأَى مَنْ صَحِبَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ) بسبب بركة ذلك التابعيّ الرائي للصحابيّ، ودعائه بالنصر والفتح. (ثُمَّ يَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاس، فَيُقَالُ لَهُمْ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ رَأَى مَنْ صَحِبَ مَنْ صَحِبَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فيُفْتَحُ لَهُمْ") بسبب بركة ذلك تابعي التابعيّ، ودعائه بالنصر والفتح، ثم إنه ذكر في هذا الحديث ثلاث طبقات: طبقة الصحابة، ثم طبقة


(١) "القاموس المحيط" ص ٩٤٧.
(٢) "عمدة القاري" ١٤/ ١٧٩ - ١٨٠.
(٣) "عمدة القاري" ١٤/ ١٨٠.
(٤) "شرح ابن بطّال على البخاريّ" ٥/ ٩١.