للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابن بطال -رحمه الله-: تأويل الحديث أن الضعفاء أشدّ إخلاصًا في الدعاء، وأكثر خشوعًا في العبادة؛ لخلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا (١).

٥ - (ومنها): ما قاله في "الفتح": إنه يستفاد من هذا الحديث بطلان قول من ادَّعَى في هذه الأعصار المتأخرة الصحبة؛ لأن الخبر يتضمن استمرار الجهاد، والبعوث إلى بلاد الكفار، وأنهم يسألون: هل فيكم أحدٌ من أصحابه؟ فيقولون: لا، وكذلك في التابعين، وفي أتباع التابعين، وقد وقع كلُّ ذلك فيما مضى، وانقطعت البعوث عن بلاد الكفار في هذه الأعصار، بل انعكس الحال في ذلك، على ما هو معلوم مشاهَد من مدة متطاولة، ولا سيما في بلاد الأندلس، وضَبَط أهل الحديث آخر من مات من الصحابة، وهو على الإطلاق أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثيّ، كما جزم به مسلم في "صحيحه"، وكان موته سنة مائة، وقيل: سنة سبع ومائة، وقيل: سنة عشر ومائة، وهو مطابق لقوله - صلى الله عليه وسلم - قبل وفاته بشهر: "على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها اليوم أحد". انتهى (٢)، وهو بحث نفيسٌ جدّا، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رحمه الله- أوّلَ الكتاب قال:

[٦٤٤٧] (. . .) - (حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأُمُوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْر، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: زَعَمَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يَأتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، يُبْعَثُ مِنْهُمُ الْبَعْثُ، فَيَقُولُونَ: انْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ فِيكُمْ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَيُوجَدُ الرَّجُلُ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ بِه، ثُمَّ يُبْعَثُ الْبَعْثُ الثَّانِي، فَيَقُولُونَ: هَلْ فِيهِمْ مَنْ رَأَى أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَيُفْتَحُ لَهُمْ بِه، ثُمَّ يُبْعَثُ الْبَعْثُ الثَّالِثُ، فَيُقَالُ: انْظُرُوا هَلْ تَرَوْنَ فِيهِمْ مَنْ رَأَى مَنْ رَأَى أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ ثُمَّ يَكُونُ الْبَعْثُ الرَّابعُ، فَيُقَالُ: انْظُرُوا هَلْ تَرَوْنَ فِيهِمْ أَحَدًا، رَأَى مَنْ رَأَى أَحَدًا رَأَى أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَيُوجَدُ الرَّجُلُ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ بِهِ").


(١) راجع: "الفتح" ٧/ ١٧٣ - ١٧٤، كتاب "الجهاد" رقم (٢٨٩٦).
(٢) "الفتح" ٧/ ٥.