للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وظهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ثم يفشو الكذب" ظهورًا بيِّنًا، حتى يشمل الأقوال، والأفعال، والمعتقدات، والله المستعان. انتهى ما في "الفتح" (١)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

(ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ، تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ)؛ أي: في حالين، وليس المراد أن ذلك يقع في حالة واحدة؛ لأنه دور، كالذي يَحْرِص على ترويج شهادة، فيحلف على صحتها؛ ليقوّيها، فتارة يحلف قبل أن يشهد، وتارة يشهد قبل أن يحلف، ويَحْتَمِل أن يقع ذلك في حال واحدة عند من يجيز الحلف في الشهادة، فيريد أن يشهد ويحلف.

وقال ابن الجوزيّ: المراد أنهم لا يتورعون، ويستهينون بأمر الشهادة واليمين.

وقال ابن بطال: يُستدلّ به على أن الحَلِف في الشهادة يُبطلها، قال: وحَكَى ابن شعبان في "الزاهي" من قال: أشهد بالله أن لفلان على فلان كذا لم تُقبل شهادته؛ لأنه حَلِف، وليس بشهادة، قال ابن بطال: والمعروف عن مالك خلافه. انتهى (٢).

وقوله: (لَمْ يَذْكُرْ هَنَّادٌ الْقَرْنَ فِي حَدِيثِهِ) أشار به إلى اختلاف شيخيه: قتيبة، وهنّاد بن السريّ، فقتيبة ذكر القرن، وهنّاد لم يذكره، والظاهر أنه قال: "خير الناس"، والله تعالى أعلم.

وقوله: (وَقَالَ قُتَيْبَةُ: "ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ") أشار به أيضًا إلى اختلاف آخر، وهوأن قتيبة قال: "ثم يجيء أقوام" بالجمع، بدل قول هنّاد: "ثم يجيء قوم" بالإفراد، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) "الفتح" ٨/ ٣١٦ - ٣١٧، كتاب "فضائل الصحابة" رقم (٣٦٥١).
(٢) "الفتح" ٦/ ٥١٤ - ٥١٥، كتاب "الشهادات" رقم (٢٦٥٢).