للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأمة المقترنة في مدة من الزمان، من قَرْن الجبل؛ لارتفاع سهم، أو غير ذلك؟ واختلفوا في مدة القرن، وتحديدها، فقيل: أربعون سنة، عن ابن الأعرابيّ، ودليله قول الجعديّ:

ثَلَاثَةَ أَهْلِينَ أَفْنَيْتُهُمْ … وَكَانَ الإِلهُ هُوَ الْمُسْتَآسَا

فإنه قال هذا، وهو ابن مائة وعشرين. أو عشرة، أو عشرون، أو ثلاثون، أو ستون، أو سبعون، أو ثمانون، نقلها الزجاج في تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ} الآية [يس: ٣١] والأخير نقله ابن الأعرابيّ أيضًا، وقالوا: هو مقدار المتوسط من أعمار أهل الزمان، أو مائة، أو مائة وعشرون، وفي "فتح الباري": اختلفوا في تحديد مدة القرن من عشرة إلى مائة وعشرين، لكن لم أر من صرَّح بالتسعين، ولا بمائة وعشرة، وما عدا ذلك فقد قال به قائل، والأول من القولين الأخيرين أصحّ، وقال ثعلب: هو الاختيار؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - لغلام بعد أن مسح رأسه: "يعيش قَرْنًا" (١)، فعاش مائة سنة، قال: وبالأخير فُسّر حديث: "إن الله يبعث على رأس كل قرن لهذه الأمة من يجدد أمر دينها"، كما حققه الحافظ السيوطيّ -رحمه الله-، والقرن: كل أمة هلكت، فلم يبق منها أحدٌ، وبه فُسّرت الآية المذكورة، وقيل: الوقت من الزمان، عن ابن الأعرابيّ. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": القرن أهل زمان واحد متقارب، اشتركوا في أمر من الأمور المقصودة، ويقال: إن ذلك مخصوص بما إذا اجتمعوا في زمن نبيّ، أو


(١) هو: ما أخرجه الطبرانيّ عن عبد الله بن بسر - رضي الله عنه - قال: وضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده على رأسي، فقال: "يعيش هذا الغلام قرنًا"، فعاش مائة سنة، وكان في وجهه ثؤلول، فقال: "لا يموت حتى يذهب الثؤلول من وجهه"، فلم يمت حتى ذهب الثؤلول من وجهه.
قال الحافظ الهيثميّ -رحمه الله-: رواه الطبرانيّ والبزار باختصار الثؤلول، إلا أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليدركن قرنًا"، ورجال أحد إسنادي البزار رجال الصحيح، غير الحسن بن أيوب الحضرميّ وهو ثقة. انتهى. "مجمع الزوائد" ٩/ ٤٠٥، وصحَّح الحديث الشيخ الألبانيّ -رحمه الله-. راجع: "الصحيحة" ٦/ ٣٤٣.
(٢) "تاج العروس من جواهر القاموس" ١/ ٨١٣٦.