للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

غير الصحابة على الصحابة؛ لأن مجرد زيادة الأجر لا يستلزم ثبوت الأفضلية المطلقة، وأيضًا فالأجر إنما يقع تفاضله بالنسبة إلى ما يماثله في ذلك العمل، فأما ما فاز به من شاهد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من زيادة فضيلة المشاهدة، فلا يعدله فيها أحد، فبهذه الطريق يمكن تأويل الأحاديث المتقدمة.

وأما حديث أبي جمعة، فلم تتفق الرواة على لفظه، فقد رواه بعضهم بلفظ الخيرية، كما تقدم، ورواه بعضهم بلفظ: "قلنا: يا رسول الله، هل من قوم أعظم منّا أجرًا … " الحديث، أخرجه الطبرانيّ، وإسناد هذه الرواية أقوى من إسناد الرواية المتقدمة، وهي توافق حديث أبي ثعلبة، وقد تقدم الجواب عنه، والله أعلم. انتهى كلام الحافظ -رحمه الله- (١)، وهو بحث نفيسٌ.

قال الجامع عفا الله عنه: قد تلخّص مما سبق أن ما ذهب إليه الجمهور من تفضيل أهل القرن الأول، ثم مَن بعدهم على ترتيب ظاهر الحديث هو الحقّ؛ لقؤة حُجَجه، كما مرّ عليك آنفًا، في تحقيق الحافظ -رحمه الله-، والله تعالى أعلم.

(المسألة الخامسة): في تكميل البحث في معنى القرن المذكور في الحديث:

[اعلم]: أنه قد تكلّم العلماء في معنى القرن، وقد ذكرنا بعض الأقوال فيما مضى، ونزيد تكميله هنا.

قال الفيّوميّ -رحمه الله-: القَرْنُ: الْجِيل من الناس، فيه ثمانون سنةً، وقيل: سبعون، وقال الزجاج: الذي عندي - والله أعلم - أن القَرْنَ أهل كل مدّة، كان فيها نبيّ، أو طبقة من أهل العلم، سواء قَلّت السنون، أو كثرت، قال: والدليل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خير القُرُونِ قرني -يعني: أصحابه - ثم الذين يلونهم -يعني: التابعين- ثم الذين يلونهم"؛ أي: الذين يأخذون عن التابعين. انتهى (٢).

وقال في "القاموس"، و"شرحه": القرن زمن معيَّن، أو أهل زمن مخصوص، واختار بعضٌ أنه حقيقة فيهما، واختُلف هل هو من الاقتران؛ أي:


(١) "الفتح" ٧/ ٧.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٠٠.