للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للعامل فيهنّ أجر خمسين قيل: منهم، أو منّا يا رسول الله؟ قال: "بل منكم وهو شاهد لحديث: "مَثَلُ أمتي مثل المطر".

واحتجّ ابن عبد البر أيضًا بحديث عمر - رضي الله عنه -، رفعه: "أفضل الخلق إيمانًا قوم في أصلاب الرجال، يؤمنون بي، ولم يروني. . ." الحديث، أخرجه الطيالسيّ، وغيره، لكن إسناده ضعيف، فلا حجة فيه.

وروى أحمد، والدارميّ، والطبرانيّ، من حديث أبي جمعة، قال: قال أبو عبيدة: يا رسول الله أأحد خيرٌ منا، أسلمنا معك، وجاهدنا معك؟ قال: "قوم يكونون من بعدكم، يؤمنون بي، ولم يروني"، وإسناده حسن، وقد صححه الحاكم.

واحتجّ أيضًا بأن السبب في كون القرن الأول خير القرون أنهم كانوا غرباء في إيمانهم؛ لكثرة الكفار حينئذ، وصبرهم على أذاهم، وتمسكهم بدينهم، قال: فكذلك أواخرهم إذا أقاموا الدين، وتمسكوا به، وصبروا على الطاعة حين ظهور المعاصي والفتن، كانوا أيضًا عند ذلك غرباء، وزكت أعمالهم في ذلك الزمان، كما زكت أعمال أولئك، ويشهد له ما رواه مسلم، عن أبي هريرة، رفعه: "بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء".

وقد تُعُقّب كلام ابن عبد البر بأن مقتضى كلامه أن يكون فيمن يأتي بعد الصحابة من يكون أفضل من بعض الصحابة، وبذلك صرّح القرطبيّ، لكن كلام ابن عبد البر ليس على الإطلاق في حق جميع الصحابة، فإنه صرّح في كلامه باستثناء أهل بدر، والحديبية، نَعَم والذي ذهب إليه الجمهور أن فضيلة الصحبة لا يعدلها عمل؛ لمشاهدة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأما من اتفق له الذب عنه، والسَّبْق إليه بالهجرة، أو النصرة، وضَبْط الشرع المتلقى عنه، وتبليغه لمن بعده، فإنه لا يعدله أحد ممن يأتي بعده؟ لأنه ما من خصلة من الخصال المذكورة إلا وللذي سبق بها مِثل أجر مَن عمل بها مِن بعده، فظهر فَضْلهم.

ومحصّل النزاع يتمحض فيمن لم يحصل له إلا مجرد المشاهدة، كما تقدم، فإنْ جَمَع بين مختلف الأحاديث المذكورة كان متجهًا.

على أن حديث: "للعامل منهم أجر خمسين منكم" لا يدلّ على أفضلية