يكون إلا بعد الطلب من صاحب الحقّ، فيُخصّ ذمّ من يشهد قبل أن يُستشهد بمن ذُكر ممن يُخبر بشهادة عنده لا يَعلم صاحبها بها، أو شهادة الحسبة.
وذهب بعضهم إلى جواز أداء الشهادة قبل السؤال على ظاهر عموم حديث زيد بن خالد -رضي الله عنه -، وتأوّلوا حديث عمران -رضي الله عنه - بتأويلات:
[أحدها]: أنه محمولٌ على شهادة الزُّور؛ أي: يؤدّون شهادةً لم يَسبق لهم تحمّلها. وهذا حكاه الترمذيّ عن بعض أهل العلم.
[ثانيها]: أن المراد بها الشهادة في الحلف، يدلّ عليه قول إبراهيم النخعيّ في آخر حديث ابن مسعود -رضي الله عنه -: "كانوا يضربوننا على الشهادة"؛ أي: قول الرجل: أشهد بالله ما كان إلا كذا على معنى الحلف، فكره ذلك، كما كُره الإكثار من الحلف، واليمين قد تُسمّى شهادةً، كما قال الله تعالى:{فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} الآية [النور: ٦]. وهذا جواب الطحاويّ.
[ثالثها]: أن المراد بها الشهادة على المغيّب من أمر الناس، فيشهد على قوم أنهم في النار، وعلى قوم أنهم في الجنّة بغير ذلك، كما صنع ذلك أهل الأهواء. حكاه الخطّابيّ.
[رابعها]: أن المراد: به من ينتصب شاهدًا، وليس من أهل الشهادة.
[خامسها]: أن المراد: به التسارع إلى الشهادة، وصاحبها بها عالمٌ من قبل أن يسأله. والله تعالى أعلم.
(وَيَخُونُونَ) قال في "الفتح": كذا في جميع الروايات التي اتّصلت لنا بالخاء المعجمة، والواو، مشتقّ من الخيانة، وزعم ابن حزم أنه وقع في نسخة:"يَحْرِبُون" -بسكون المهملة، وكسر الراء، بعدها موحّدة - قال: فإن كان محفوظًا، فهو من قولهم: حَرَبه يَحرِبه: إذا أخذ ماله، وتركه بلا شيء، ورجلٌ محروبٌ؛ أي: مسلوب المال. انتهى (١).
(وَلَا يُتَّمَنُونَ) قال النوويّ: هكذا في أكثر النسخ: "يُتَّمنون" بتشديد التاء، وفي بعضها:"يؤتمنون"، ومعناه: يخونون خيانة ظاهرةً بحيث لا يبقى معها أمانة، بخلاف من خان حقيرًا مرّةً واحدةً، فإنه يصدق عليه أنه خان، ولا