للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(مُتَّكِئًا عَلَى رَجُلَيْنِ) قال الحافظ رَحِمَهُ اللهُ: لم أقف على اسمهما (١). (أَوْ) للشكّ من الراوي (عَلَى عَوَاتِقِ رَجُلَيْنِ) جمع عاتقٍ، قال أهل اللغة: هو ما بين المنكب والعُنُق، وفيه لغتان: التذكير والتأنيث، والتذكير أفصح وأشهر، قال صاحب "المحكم": ويُجْمَع العاتق على عواتق كما ذكرنا، وعلى عُتُقٍ وعُتْقٍ بضمّ التاء وسكونها.

(يَطُوفُ بِالْبَيْتِ) قال القاضي عياض رَحِمَهُ اللهُ: إن كانت هذه رؤيا عين، فعيسى عليه السلام حَيٌّ لم يمت، يعني: فلا امتناع في طوافه حقيقةً، وإن كان منامًا كما نَبَّهَ عليه ابنُ عمر - رضي الله عنهما - في روايته، فهو مُحْتَمِلٌ لِمَا تقدم ولتأويل الرؤيا، قال القاضي: وعلى هذا يُحْمَل ما ذُكِر من طواف الدجال بالبيت، وأن ذلك رؤيا؛ إذ قد ورد في "الصحيح" أنه لا يَدْخُل مكة ولا المدينة، مع أنه لم يُذْكَر في رواية مالك طواف الدجال، وقد يقال: إن تحريم دخول المدينة عليه إنما هو في زمن فتنته (٢).

وقال في "الفتح": وغَلِط من استدلّ بهذا الحديث على أن الدجّال يدخل مكة أو المدينة؛ إذ لا يلزم من كون النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رآه في المنام بمكة أنه دخلها حقيقةً، ولو سُلّم أنه رآه في زمانه - صلى الله عليه وسلم - بمكة، فلا يلزم أن يدخلها بعد ذلك إذا خرج في آخر الزمان.

قال: وقد استُدِلّ على أن ابن صيّاد ليس هو الدجّال بكونه سكن المدينة، ومع ذلك، فكان عمر وجابر - رضي الله عنهما - يحلفان على أنه الدجّال، كما سيأتي. انتهى (٣).

(فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: هَذَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) عليه السلام، واختَلَف العلماءُ في سبب تسمية عيسى عليه السلام مَسِيحًا، قال الواحديّ: ذهب أبو عبيد والليث إلى أن أصله بالعبرانية مَشِيحا، فعربته العرب وغَيَّرت لفظه، كما قالوا: موسى، وأصله موشى أو ميشا بالعبرانية، فلما عَرّبوه غَيّروه، فعلى هذا لا اشتقاق له، قال: وذهب أكثر العلماء إلى أنه مشتقّ، وكذا قال غيره: إنه مشتقّ على قول


(١) "الفتح" ٦/ ٥٧٦٠.
(٢) "إكمال المعلم" ٢/ ٧٢٦ - ٧٢٧.
(٣) "الفتح" ١٠/ ٣٧٠ "كتاب اللباس" رقم (٥٩٠٣).