الجمهور، ثم اختَلَفَ هؤلاء، فحُكِي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: لأنه لم يَمْسَحْ ذا عَاهَةٍ إلا بَرِئَ، وقال إبراهيم وابن الأعرابيّ: المسيح الصّدّيق، وقيل: لكونه ممسوح أسفل القدمين لا أخمص له، وقيل: لمسح زكريا إياه، وقيل: لمسحه الأرض، أي: قطعها، وقيل: لأنه خَرَج من بطن أمه ممسوحًا بالدهن، وقيل: لأنه مُسِح بالبركة حين وُلد، وقيل: لأن الله تعالى مَسَحَهُ، أي: خلقه خَلْقًا حَسَنًا، وقيل غير ذلك والله أعلم.
(ثُمَّ إِذَا أَنَا (١) بِرَجُلٍ، جَعْدٍ) بفتح الجيم، وسكون العين المهملة، قال الهروي:"الجَعْدُ" في صفات الرجال يكون مدحًا ويكون ذَمًّا، فإذا كان ذمًّا، فله معنيان: أحدهما: القصير المترَدِّد، والآخر: البخيل، يقال: رجل جَعْدُ اليدين، وجَعْدُ الأصابع، أي: بَخِيل، وإذا كان مدحًا، فله أيضًا معنيان: أحدهما أن يكون معناه شديد الخلق، والآخر يكون شَعْرُه جَعْدًا غير سَبِطٍ، فيكون مدحًا؛ لأن السُّبُوطة أكثرها في شعور العجم، قال القاضي: وقال غير الهَرَويّ: الجعد في صفة الدجال ذَمٌّ، وفي صفة عيسى عليه السلام مَدْحٌ. انتهى.
(قَطَطٍ) بفتح القاف والطاء، هذا هو المشهور، قال القاضي عياض رَحِمَهُ اللهُ: رويناه بفتح الطاء الأولى وبكسرها، قال: وهو شديد الجُعُودة.
(أَعْوَرِ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ) رُوي بالهمز، وبغير الهمز، فمن همز معناه: ذَهَبَ ضوؤها، ومن لم يهمز معناه: ناتئة بارزة، ثم إنه جاء هنا "أعور العين اليمنى"، وجاء في رواية أخرى "أعور العين اليسرى"، وقد ذكرهما جميعًا مسلم في آخر الكتاب، وكلاهما صحيح.
قال القاضي عياض رَحِمَهُ اللهُ: رويناه عن الأكثر بغير همز، وهو الذي صححه الجمهور، وجزم به الأخفش، ومعناه أنها ناتئة نتوء حبة العِنَب من بين أخواتها، قال: وضبطه بعض الشيوخ بالهمز، وأنكره بعضهم، ولا وجه لإنكاره، فقد جاء في آخر أنه ممسوح العين مطموسة، وليست جَحْراء ولا ناتئة، وهذه صفة حبة العنب إذا سال ماؤها، وهو يصحح رواية الهمز.
قال الحافظ: والحديث المذكور عند أبي داود يوافقه حديثُ عبادة بن