للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصامت، ولفظه: "رجلٌ قصيرٌ أفحج" بفاء ساكنة، ثم مهملة مفتوحة، ثم جيم من الفَحَج (١)، وهو تباعد ما بين الساقين أو الفخذين، وقيل: تداني صدور القدمين، مع تباعد العقبين، وقيل: هو الذي في رجله اعوجاج، وفي الحديث المذكور: "جَعْدٌ أعور مطموس العين، ليست بناتئة" - بنون ومثناة -، ولا جَحْراء - بفتح الجيم، وسكون المهملة، ممدودًا - أي: عميقة، وبتقديم الحاء، أي: ليست مُتَصَلِّبةً.

وفي حديث عبد الله بن مُغَفَّل - رضي الله عنه - "ممسوح العين"، وفي حديث سمرة - رضي الله عنه - مثله، وكلاهما عند الطبرانيّ، ولكن في حديثهما: "أعور العين اليسرى"، ومثله لمسلم من حديث حُذيفة، وهذا بخلاف قوله في حديث الباب: "أعور العين اليمنى"، وقد اتّفقا عليه من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، فيكون أرجح، وإلى ذلك أشار ابن عبد البر، لكن جمع بينهما القاضي عياض، فقال: تُصَحَّح الروايتان معًا، بأن تكون المطموسة والممسوحة هي العوراء الطافئة بالهمز، أي: التي ذهب ضوؤها، وهي العين اليمنى، كما في حديث ابن عمر، وتكون الجاحظة التي كأنها كوكب، وكأنها نُخَاعة هي الطافية بلا همز، وهي العين اليسرى، كما جاء في الرواية الأخرى، وعلى هذا فهو أعور العين اليمنى واليسرى معًا، فكل واحدة منهما عوراء، أي: معيبة، فإن الأعور من كل شيء المعيب، وكلا عيني الدجال معيبة، فإحداهما معيبة بذهاب ضوئها، حتى ذهب إدراكها، والأخرى بنتوئها. انتهى. قال النوويّ: هو في نهاية الحسن.

وقال القرطبيّ (٢) في "المفهم": حاصل كلام القاضي أن كل واحدة من عيني الدجال عوراء، إحداهما بما أصابها حتى ذهب إدراكها، والأخرى بأصل خلقها معيبة، لكن يُبْعِد هذا التأويلَ أن كل واحدة من عينيه قد جاء وصفها في الرواية بمثل ما وُصِفَت به الأخرى من العور، فتأمّله.

وأجاب صاحبه القرطبيّ (٣) في "التذكرة" بأن الذي تأوله القاضي صحيح،


(١) بفتحتين.
(٢) هو أبو العباس القرطبيّ، صاحب "المفهم".
(٣) هو أبو عبد الله القرطبيّ، صاحب "جامع الأحكام" في التفسير، وهو تلميذ للأول.