للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإن المطموسة، وهي التي ليست ناتئة ولا جحراء، هي التي فَقَدت الإدراك، والأخرى وُصِفت بأن عليها ظُفْرة (١) غليظة، وهي جِلْدة تُغَشِّي العينَ، وإذا لم تُقْطَع عَمِيت العين، وعلى هذا فالعور فيهما؛ لأن الظُّفْرة مع غلظها تمنع الإدراك أيضًا، فيكون الدجال أعمى أو قريبًا منه، إلا أنه جاء ذكر الظُفْرة في العين اليمنى في حديث سفينة، وجاء في العين الشمال في حديث سمرة، فالله أعلم.

قال الحافظ: وهذا هو الذي أشار إليه شيخه بقوله: إن كل واحدة منهما جاء وصفها بمثل ما وُصِفت الأخرى، ثم قال في "التذكرة": يَحْتَمِل أن تكون كل واحدة منهما عليها ظُفْرة، فإن في حديث حُذيفة أنه ممسوح العين، عليها ظُفْرة غليظة، قال: وإذا كانت الممسوحة عليها ظُفْرة، فالتي ليست كذلك أولى، قال: وقد فُسِّرت الظفرة بأنها لَحْمَة كالعَلَقة.

ووقع في حديث أبي سعيد عند أحمد: "وعينه اليمنى عوراء جاحظةٌ، لا تخفى كأنها نُخاعة في حائط مُجَصَّص، وعينه اليسرى كأنها كوكب دُرّيّ"، فوَصَف عيثيه معًا، ووقع عند أبي يعلى من هذا الوجه: "أعور ذو حَدَقة جاحظة لا تخفى، كأنها كوكب دُرّيّ"، ولعلها أبين؛ لأن المراد بوصفها بالكوكب شدّة اتّقادها، وهذا بخلاف وصفها بالطمس، ووقع في حديث أُبَيّ بن كعب عند أحمد والطبرانيّ: "إحدى عينيه كأنها زُجاجة خضراء"، وهو يوافق وصفها بالكوكب، ووقع في حديث سفينة عند أحمد والطبرانيّ: "أعور عينه اليسرى، بعينه اليمنى ظُفْرة غليظة".

قال الحافظ رَحِمَهُ اللهُ: والذي يتحصل من مجموع الأخبار أن الصواب في "طافية" أنه بغير همز، فإنها قُيِّدت في رواية الباب بأنها اليمنى، وصَرَّح في حديث عبد الله بن مُغَفَّل وسَمُرة وأبي بكرة بأن عينه اليسرى ممسوحة، والطافية هي البارزة الممسوحة، والعجب ممن يُجَوِّز رواية الهمز في "طافية" وعدمه مع تضاد المعنى في حديث واحد، فلو كان ذلك في حديثين لسهل الأمر.

وأما "الظُّفْرة"، فجائز أن تكون في كلا عينيه؛ لأنه لا يُضَادّ الطمس ولا


(١) في "القاموس": الظُفْرة - أي بالضمّ -: جُلَيدة تُغَشِّي العين، كالظَّفَرة محركة. اهـ.