للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النتوء، وتكون التي ذهب ضوؤها هي المطموسة، والمعيبةُ مع بقاء ضوئها هي البارزة، وتشبيهها بالنُّخَاعة في الحائط المجصص في غاية البلاغة، وأما تشبيهها بالزجاجة الخضراء، وبالكوكب الدريّ فلا ينافي ذلك، فإن كثيرًا ممن يَحْدُث له في عينه النتوء يبقى معه الإدراك، فيكون الدجال من هذا القبيل، والله تعالى أعلم.

وقال البيضاوي رَحِمَهُ اللهُ: الظُّفْرة لَحْمة تَنْبُت عند المَاق، وقيل: جِلْدة تخرج في العين، من الجانب الذي يلي الأنف، ولا يُمنع أن تكون في العين السالمة، بحيث لا تواري الحدَقَة بأسرها، بل تكون على حدتها. انتهى كلام الحافظ رَحِمَهُ اللهُ، وهو تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

(فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ) قال الحافظ: ولم أقف على اسم القائل معيّنًا (هَذَا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ") قيل: سُمّي بذلك؛ لأنه ممسوح العين، وقيل: لأنه أعور، والأعور يُسَمَّى مَسِيحًا، وقيل: لمسحه الأرض حين خروجه، وقيل غير ذلك.

قال القاضي رَحِمَهُ اللهُ: ولا خلاف عند أحد من الرواة في اسم عيسى عليه السلام أنه بفتح الميم، وكسر السين، مخففةً، واختُلِف في الدجال، فأكثرهم يقوله مثله، ولا فرق بينهما في اللفظ، ولكن عيسى عليه السلام مَسِيحُ هُدًى، والدجال مَسِيحُ ضلالة، ورواه بعض الرواة مِسِّيح، بكسر الميم والسين المشدَّدة، وقاله غير واحد كذلك إلا أنه بالخاء المعجمة، وقاله بعضهم بكسر الميم، وتخفيف السين، والله أعلم.

وأما تسميته بالدجَّال، فقال القاضي: قال ثعلب: لضربه في الأرض، وقطعه أكثر نواحيها، يقال منه: دَجَلَ، وهذا مثل أحد التأويلات في تسميته مَسِيحًا، وقيل: بل لتمويهه على الناس وتلبيسه، يقال: دجل: إذا مَوّه، وقيل: كلُّ كذّاب دجَّال، وهو من هذا المعنى أو قريب منه. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان وعليه التكلان.


(١) "إكمال المعلم" ٢/ ٧٢٠.