للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والحقّ أنها للعموم، وتتناول جميع بني آدم، وأما من قال: المراد أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، سواء أمة الإجابة، وأمة الدعوة، وخرج عيسى والخضر؛ لأنهما ليسا من أمته، فهو قول ضعيف؛ لأن عيسى يحكم بشريعته -صلى الله عليه وسلم-، فيكون من أمته، والقول في الخضر إن كان حيًّا كالقول في عيسى، والله أعلم، قاله في "الفتح" (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تقدّم تحقيق القول في حياة الخضر عليه السلام، وموته في فضائله، وأن الراجح القول بموته، وهو مذهب البخاريّ والمحقّقين، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

٣ - (ومنها): بيان قِصر أعمار أمته -صلى الله عليه وسلم-، حيث إن معظمهم لا يتجاوز مائة سنة، بل جاء قلّة من يتجاوز السبعين، فقد أخرج الترمذيّ، وابن ماجه، وصححه ابن حبّان، والحاكم عن أبي هريرة -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أعمار أمتي ما بين ستين إلى سبعين، وأقلّهم من يَجُوز ذلك".

٤ - (ومنها): أنَّ فيه جواز الحديث بعد العشاء، وأما الحديث المتّفق عليه أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها، فمحمول على ما لا ينبغي من الكلام، وكان ابن سيرين، والقاسم، وأصحابه يتحدثون بعد العشاء؛ أي: في الخير، وقال مجاهد: يُكره السَّمَر بعد العشاء إلا لمصلّ، أو لمسافر، أو دارس علم، أفاده في "العمدة" (٢)، والله تعالى أعلم.

٥ - (ومنها): ما كتبه القرطبيّ رحمه الله من البحث في هذا الحديث، قال رحمه الله: هذا الحديث رواه مسلم من طريقين، ذَكَر الأول منهما متصلًا، ثم أردف عليه سندًا آخر فيه انقطاع، ولا يُعْتب عليه في ذلك؛ إذ قد وفي بشرط كتابه في الطريق الأول، ثم زاد بعد ذلك السند المنقطع.

وقد استشكل بعض من لم يثبت عنده حديث ابن عمر -رضي الله عنهما -؛ إذ لم يفهم معناه، فردَّه بأن قال: حديث منقطع، وهذا ليس بصحيح على ما قررناه، ثم لو سُلِّم أن حديث ابن عمر ليس بصحيح فحديث جابر وأبي سعيد في الباب


(١) "الفتح" ٢/ ٣٨٩، كتاب "مواقيت الصلاة" رقم (٦٠١).
(٢) "عمدة القاري" ٥/ ٩٧.