موجودًا حينئذ أبو الطفيل عامر بن واثلة -رضي الله عنه-، وقد أجمع أهل الحديث على أنه كان آخر الصحابة -رضي الله عنهم - موتًا، وغاية ما قيل فيه: إنه بقي إلى سنة عشر ومائة، وهي رأس مائة سنة من مقالة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهذا إعلام من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن أعمار أمته ليست تطول كأعمار من تقدم من الأمم السالفة؛ ليجتهدوا في العمل (١)، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عمر -رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٥٤/ ٦٤٥٨ و ٦٤٥٩](٢٥٣٧)، و (البخاريّ) في "العلم"(١١٦) و"مواقيت الصلاة"(٥٦٤ و ٦٠١)، و (أبو داود) في "الملاحم"(٤٣٤٨)، و (الترمذيّ) في "الفتن"(٢٢٥٢)، و (النسائيّ) في "الكبرى"(٣/ ٤٤١)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه"(١١/ ٢٧٥)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٨٨ و ١٢١)، و (الطبرانيّ) في "الكبير"(١٢/ ٢٧٨)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٢٩٨٩)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(١/ ٤٥٣)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان عَلَم من أعلام النبوّة، حيث أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بانخرام قرنه خلال مائة سنة، فوقع كما أخبر -صلى الله عليه وسلم-.
٢ - (ومنها): ما قاله النوويّ وغيره: احتجّ البخاريّ، ومن قال بقوله بهذا الحديث على موت الخضر عليه السلام، والجمهور على خلافه، وأجابوا عنه بأن الخضر كان حينئذ من ساكني البحر، فلم يدخل في الحديث، قالوا: ومعنى الحديث: لا يبقى ممن ترونه، أو تعرفونه، فهو عام أريد به الخصوص، وقيل: احترز بالأرض عن الملائكة، وقالوا: خرج عيسى عليه السلام من ذلك، وهو حيّ؛ لأنه في السماء، لا في الأرض، وخرج إبليس؛ لأنه على الماء، أو في الهواء، وأبْعَدَ من قال: إن اللام في الأرض عهدية، والمراد: أرض المدينة،