الوجه الثامن: أن الخضر فارق موسى بن عمران كليم الرحمن، ولم يصاحبه، وقال له:{هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ}[الكهف: ٧٨]، فكيف يرضى لنفسه بمفارقته لمثل موسى، ثم يجتمع بجهلة العباد الخارجين عن الشريعة الذين لا يحضرون جمعة، ولا جماعة، ولا مجلس علم، ولا يعرفون من الشريعة شيئًا، وكل منهم يقول: قال الخضر، وجاءني الخضر، وأوصاني الخضر؟ فيا عجبًا له، يفارق كليم الله تعالى، ويدور على صحبة الجهال، ومن لا يعرف كيف يتوضأ؟، ولا كيف يصلي؟.
الوجه التاسع: أن الأمة مجمعة على أن الذي يقول: أنا الخضر لو قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول كذا وكذا، لم يُلْتَفَت إلى قوله، ولم يُحتجّ به في الدين، إلا أن يقال: إنه لم يأت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا بايعه، أو يقول هذا الجاهل: إنه لم يُرسَل إليه، وفي هذا من الكفر ما فيه.
الوجه العاشر: أنه لو كان حيًّا لكان جهاده الكفار، ورباطه في سبيل الله، ومقامه في الصف ساعة، وحضور الجمعة والجماعة، وتعليم العلم أفضل له بكثير من سياحته بين الوحوش في القفار، والفلوات، وهل هذا إلا من أعظم الطعن عليه، والعيب له؟ انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن مما سبق أن الحقّ والصواب في الخضر عليه السلام أنه نبيّ، وأن القول ببقائه إلى الآن زعم باطلٌ، والأدلّة على ذلك واضحة وضوح الشمس في رائعة النهار، نسأل الله تعالى أن يرينا الحقّ حقًّا، ويرزقنا اتّباعه، ويرينا الباطل باطلًا، ويرزقنا اجتنابه، فإنه وليّ التوفيق، والهادي إلى سواء السبيل.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّلَ الكتاب قال: