للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أقسم على الله أن يقول: اللَّهُمَّ إني أُقسم عليك بجلالك أن تفعل كذا، وهو غير مستقيم هنا؛ لأنه قال: لأبرّه؛ أي: صدّقه، ولا دَخْل للصدق والكذب في هذا اليمين، فيدخلها الإبرار. انتهى (١).

(فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ، فَافْعَلْ") قال عمر - رضي الله عنه - لأويس: (فَاسْتَغْفِرْ لِي، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ) أويس (فَقَالَ لَهُ عُمَرُ) - رضي الله عنه -: (أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ) أويس: (الْكُوفَةَ)؛ أي: أريد الكوفة، (قَالَ) عمر: (أَلَا كْتُبُ لَكَ إِلَى عَامِلِهَا؟)؛ أي: أميرها، (قَالَ) أويس: (أَكُونُ فِي غَبْرَاءِ النَّاسِ) - بفتح الغين المعجمة، وبإسكان الموحّدة، وبالمدّ - أي: ضعافهم، وصعاليكهم، وأخلاطهم الذين لا يؤبه لهم، وهذا من إيثار الخمول، وكَتْم حاله (٢).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "أكون في غبراء الناس الرواية الجيدة فيه: بفتح الغين المعجمة، وسكون الباء الموحدة، وهمزة ممدودة؛ ويعني به: فقراء الناس، وضعفاءهم، والغبراء: الأرض، ويقال للفقراء: بنو غبراء، كأن الفقر والحاجة ألصقتهم بها، كما قال تعالى: {أَو مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦)} [البلد: ١٦]؛ أي: ذا حاجة ألصقته بالتراب، ومن هذا سَمَّوا الفقر: أبا متربة، وقد روي ذلك اللفظ: "في غُبَّر الناس" -بضم الغين، وتشديد الباء- جمع غابر، نحو: شاهد وشُهَّد؛ ويعني به: بقايا الناس، ومتأخريهم، وهم ضعفاء الناس؛ لأنَّ وجوه الناس، ورؤساءهم يتقدمون للأمور، وينهضون بها، وبتفاوضون فيها، ويبقى الضعفاء لا يُلتفت إليهم، ولا يؤبه بهم، فأراد أويس أن يكون خاملًا بحيث يبقى لا يُلتفت إليه، طالبًا السلامة، وظافرًا بالغنيمة. انتهى (٣).

(أَحَبُّ إِلَيَّ، قَالَ) أسير بن جابر: (فَلَمَّا كَانَ) "كان" هنا تامّة، وفاعلها قوله: (مِنَ الْعَامِ) "ومن" زائدة، على قول من يرى زيادتها في الإثبات، أو هي اسم بمعنى "بعض"، وهي الفاعل؛ أي: لمّا جاء العام، أو بعض العام، وقوله: (الْمُقْبِلِ) بكسر الباء صفة لـ "العام وقوله: (حَجَّ رَجُلٌ) جواب "لَمّا"،


(١) "فيض القدير شرح الجامع الصغير" ٣/ ١٠٠.
(٢) "شرح النوويّ" ١٦/ ٩٥ - ٩٦.
(٣) "المفهم" ٦/ ٤٩٧ - ٤٩٨.