للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولم يُعرف اسم الرجل. (مِنْ أَشْرَافِهِمْ)؛ أي: من أشراف قبيلة القَرَن، (فَوَافَقَ)؛ أي: صادف ذلك الرجل (عُمَرَ) بن الخطّاب - رضي الله عنه - (فَسَأَلهُ)؛ أي: سأل عمرُ ذلك الرجل (عَنْ أُويْسٍ)؛ أي: عن شأنه وحاله. (قَالَ) الرجل: (تَرَكْتُهُ) حال كونه (رَثَّ الْبَيْتِ) بفتح الراء، وتشديد المثلّثة: الشيء البالي، والسّقَط من متاع البيت، فيكون قوله: (قَلِيلَ الْمَتَاعِ) تفسيرًا له، وقال النوويّ - رحمه الله -: هو بمعنى الرواية الأخرى: "قليل المتاع"، والرَّثاثة، والْبَذَاذة: بمعنًى، وهو حَقَارة المتاع، وضيق العيش. انتهى (١).

(قَالَ) عمر - رضي الله عنه -: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ، مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَن، مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بهِ بَرَصٌ، فَبَرَأَ مِنْهُ، إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ، هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَك فَافْعَلْ"، فَأَتَى) ذلك الرجل بعدما سمع قول عمر - رضي الله عنه - (أُوَيْسًا، فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ) أويس: (أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بِسَفَرٍ صَالِحٍ) بنصب "عهدًا" على التمييز، ومعناه: الوقت، قال في "التاج": والعَهْدُ: الَزَّمَانُ، كالعِهْدَان بالكسر، وفي "الأَساس": وهذا حِينُ ذلك، وعِهْدَانُهُ؛ أي: وَقتُهُ. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "أحدث عهدًا"؛ أي: أقرب، وعهدًا: منصوب على التمييز، كقوله تعالى: {هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (٧٤)} [مريم: ٧٤].

(فَاسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ: أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بِسَفَرٍ صَالِحٍ، فَاستَغْفِرْ لِي، قَالَ) أويس: (لَقِيتَ) بفتح التاء للخطاب، وهو بتقدير همزة الاستفهام؛ أي: أَلَقِيْت (عُمَرَ) بن الخطاب؟ (قَالَ) الرجل: (نَعَمْ، فَاسْتَغْفَرَ) أويس (لَهُ)؛ أي: لهذا الرجل، (فَفَطنَ لَهُ النَّاسُ) مثلّث الطاء؛ أي: تفطّنوا له، وعرفوا منزلته عند الناس، قال في "التاج": الفطنة بالكسر: الْحِذْق، وضدّه الغَبَاوة، وقيل: الفطنة: الفهم، والذكاء، سرعته: وقيل: الفهم بطريق الفيض، وبدون اكتساب، فَطِن به، وإليه، وله، كفَرِح، ونَصَر، وكَرُم، وقد ورد أيضًا متعديًا بنفسه، قالوا: فَطِنَهُ؛ لتضمّنه معنى فَهِمَ، فَطْنًا مثلثة الفاء، وبالتحريك، وبضمتين، وفُطونةً، وفطانة، وفطانية، مفتوحتين، فهو فاطن له، وقيل: الفطانة


(١) "شرح النوويّ" ١٦/ ٩٦.
(٢) "تاج العروس" ١/ ٢١٥٥.