للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال ابن الأثير - رحمه الله -: القيراط جزء من أجزاء الدينار، وهو نصف عُشْره في أكثر البلاد، وأهل الشام يجعلونه جزءًا من أربعة وعشرين، والياء فيه بدل من الراء، فإن أصله: قِرّاط، وقد تكرر في الحديث، وأراد بالأرض المستفتحة: مصر، وخصّها بالذِّكر، وإن كان القيراط مذكورًا في غيرها؛ لأنه كان يغلب على أهلها أن يقولوا: أعطيت فلانًا قراريط، إذا أسمعه ما يكرهه، واذهب لا أعطيك قراريطك: أي: سَبَّك وإسماعك المكروه، ولا يوجد ذلك في كلام غيرهم. انتهى (١).

وقال النوويّ: قال العلماء: القيراط جزء من أجزاء الدينار والدرهم، وغيرهما، وكان أهل مصر يُكثرون من استعماله، والتكلم به. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: هذا منه - صلى الله عليه وسلم - إخبار بأمر غيب، وقع على نحو ما أخبر به، فكان دليلًا من أدلة نبوته - صلى الله عليه وسلم -، ومعنى يُسَمَّى فيها القيراط: يعني به: أنه يدور على ألسنتهم كثيرًا، وكذلك هو؛ إذ لا ينفك متعاملات من أهل مصر عن ذِكره غالبًا؛ لأنَّ أجزاء الدنيا الأربعة والعشرين يسمّونها: قراريط، وقِطَع الدراهم يسمّونها: قراريط، بخلاف غيرهم من أهل الأقاليم، فإنَّهم يسمُّون ذلك بأسماء أخر، فأهل العراق يسمُّون ذلك: طسُّوجًا ورزة، وأهل الشام: قرطيس، ونحو ذلك. انتهى (٣).

وقال في "المعتصر": ليس المراد قيراط الدرهم والمثقال المعروف في كلام الناس، ولا الذي ورد في الحديث في أجر المصلي على الجنازة المشيِّع لها، وفي وِزْر مقتني الكلاب، وإنما المراد به السبّ، من قولهم: أعطيت فلانًا قرار يطه؛ إذا سمع منه ما يُكره، وأجابه بما يكرهه، ويحذَّر بعضهم بعضًا، فيقول: اذهب عني لا أعطيك قرار يطك؛ يعني: سبابك، وإسماعك المكروه، ولا يَعرف هذا أهلُ مدينة سوى أهل مصر، فكان الإخبار بهذا عَلَمًا من أعلام النبوة.

والمراد بأهلها: القبط، يوضّحه ما روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن


(١) "النهاية في غريب الأثر" ٤/ ٤٢.
(٢) "شرح النوويّ" ١٦/ ٩٧.
(٣) "المفهم" ٦/ ٤٩٩.