للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تَأتِيَهُ)؛ أي: الحجّاج، (فَأَعَادَ عَلَيْهَا الرَّسُولَ) لم يُعرف اسمه، (لَتَأتِيَنِّي) جواب قَسَم مقدّر؛ أي: والله لتأتينيّ (أَو لأَبْعَثَنَّ إلَيْكِ مِنْ يَسْحَبُكِ) من باب نفع؛ أي: يجرّك (بِقُرُونِكِ)؛ أي: بضفائر شعرك. (قَالَ) أبو نوفل (فَأَبَتْ)؛ أي: امتنعت أسماء من المجيء إليه، (وَقَالَتْ: وَاللهِ لَا آتِيكَ حَتَّى تَبْعَثَ اِلَيَّ مَنْ يَسْحَبُنِي بِقُرُوني، قَالَ) أبو نوفل: (فَقَالَ) الحجّاج: (أَرُونِي سِبْتَيَّ) تثنية سِبْتٍ، بكسر السين المهملة، وسكون الموحّدة، آخره مثنّاة فوقيّة، وهي النعل التي لا شَعْر عليها. (فَأَخَذَ نَعْلَيْهِ)؛ أي: وهما السبتيّتان، (ثُمَّ انْطَلَقَ)؛ أي: ذهب الحجّاج (يَتَوَذَّفُ) بالواو، والذال المعجمة، والفاء، قال أبو عبيد: معناه: يُسرع، وقال أبو عمر: معناه: يتبختر (حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: كَيْفَ رَأَيْتِنِي صَنَعْتُ بِعَدُوِّ اللهِ؟) هذا من جرأة الحجّاج على الصحابيّ الجليل عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما -، ومن افترائه عليه، والحقّ ما سبق عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كان صوّامًا قوّامًا، وَصولًا للرحم. (قَالَتْ) أسماء - رضي الله عنهما -: (رَأَيْتُكَ أَفْسَدْتَ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ) حيث قتلته، (وَأفسَدَ عَلَيْكَ آخِرَتَكَ) حيث ارتكبت إثمًا بقتل بريء مما اتّهمته به، فإنه هو الأحقّ بالخلافة؛ لِسَبْقه بالمبايعة، وإنما خرج عليه بنو أميّة، فغلبوه، وقتلوه، قالت أسماء - رضي الله عنهما -: (بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ لَهُ: يَا ابْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ) بكسر النون، قال العلماء: النطاق أن تلبس المرأة ثوبها، ثم تَشُدّ وسطها بشيء، وترفع وسط ثوبها، وترسله على الأسفل، تفعل ذلك عند معاناة الأشغال؛ لئلا تَعْثُر في ذيلها، قيل: سُمّيت أسماء ذات النطاقين؛ لأنها كانت تطارق نطاقًا فوق نطاق، وهذا غير صحيح، والأصح أنها سُمّيت بذلك؛ لأنها شَقّت نطاقها الواحد نصفين، فجعلت أحدهما نطاقًا صغيرًا، واكتفت به، والآخر لسفرة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر - رضي الله عنه -، كما صرّحت به في هذا الحديث هنا، وفي البخاريّ، ولفظ البخاريّ أوضح من لفظ مسلم، قاله النوويّ - رحمه الله - (١).

قال الجامع عفا الله عنه: أخرج البخاريّ: - رحمه الله - عن فاطمة، عن أسماء - رضي الله عنهما - قالت: صنعت سُفرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيت أبي بكر، حين أراد أن يهاجر إلى المدينة، قالت: فلم نجد لسفرته، ولا لسقائه ما نربطهما به، فقلت لأبي بكر:


(١) "شرح النوويّ" ١٦/ ٩٩ - ١٠٠.