وأولاد الأخوال والخالات، وغيرهم، ثم بالمصاهرة، ثم بالمولى مِن أعلى وأسفل، ثم الجار، ويقدَّم القريب البعيد الدار على الجار، وكذا لو كان القريب في بلد آخر قُدِّم على الجار الأجنبيّ، وألحقوا الزوج والزوجة بالمحارم، والله أعلم. انتهى (١).
٣ - (ومنها): ما قاله ابن بطّال -رَحِمَهُ اللهُ-: مقتضاه أن يكون للأم ثلاثة أمثال ما للأب من البرّ، قال: وكأن ذلك لصعوبة الحمل، ثم الوضع، ثم الرضاع، فهذه تنفرد بها الأم، وتشقى بها، ثم تشارك الأب في التربية، وقد وقعت الإشارة إلى ذلك في قوله تعالى:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}[لقمان: ١٤]، فسوّى بينهما في الوصاية، وخَصّ الأم بالأمور الثلاثة.
وقال القرطبيّ: المراد أن الأم تستحق على الولد الحظ الأوفر من البرّ، وتُقَدَّم في ذلك على حقّ الأب عند المزاحمة.
وقال عياض: وذهب الجمهور إلى أن الأم تفضل في البرّ على الأب، وقيل: يكون برّهما سواء، ونَقَله بعضهم عن مالك، والصواب الأول، قال الحافظ: وإلى الثاني ذهب بعض الشافعية، لكن نَقَل الحارث المحاسبيّ الإجماع على تفضيل الأم في البرّ، وفيه نظر، والمنقول عن مالك ليس صريحًا في ذلك، فقد ذكره ابن بطال، قال: سئل مالك: طلبني أبي، فمنعتني أمي، قال: أطع أباك، ولا تعص أمك، قال ابن بطال: هذا يدل على أنه يرى برّهما سواء، كذا قال، وليست الدلالة على ذلك بواضحة، قال: وسئل الليث؛ يعني: عن المسألة بعينها، فقال: أطع أمك، فإن لها ثلثي البرّ، وهذا يشير إلى الطريق التي لم يتكرر ذِكر الأم فيه إلا مرّتين، وقد وقع كذلك في رواية محمد بن فضيل، عن عمارة بن القعقاع عند مسلم في الرواية التالية، ووقع كذلك في حديث المقدام بن معدي كرب، فيما أخرجه البخاريّ في "الأدب المفرد"، وأحمد، وابن ماجه، وصححه الحاكم، ولفظه: "إن الله يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بآبائكم،