للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَيَقُولُونَ: زَنَيْت، سَرَقْت، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْني مِثْلَهَا، فَقُلْتَ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا، قَالَ: إِنَّ ذَاكَ الرَّجُلَ كَانَ جَبَّارًا، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، وَإِنَّ هَذِهِ يَقُولُونَ لَهَا: زَنَيْت، وَلَمْ تَزْن، وَسَرَقْت، وَلَمْ تَسْرِقْ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا").

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (زُهَيْرُ بْنُ حَرْبِ) النسائيّ، ثم البغداديّ، تقدّم في الباب الماضي.

٢ - (يَزِيدُ بْنُ هَارُوَنَ) الواسطيّ تقدّم قريبًا.

٣ - (جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ) أبو النضر البصريّ، تقدّم أيضًا قريبًا.

٤ - (مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ) الأنصاريّ مولاهم البصريّ، تقدّم أيضًا قريبًا.

٥ - (أَبُو هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - ذُكر قبله.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَمْ يَتَكَلَمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاَثَةٌ) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ -: المهد: أصله مصدَرُ مهّدت الشيءَ أُمَهِّده: إذا سوّيته، وعدّلته، فمَهْد الصبيّ: كلُّ محل يُسوّى له، ويوطّأ، وقد يكون سريره، وقد يكون حجر أمه، كما قال قتادة: في قوله تعالى: {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} [مريم: ٢٩]؛ أي: في حجر أمه.

قال: وظاهر هذا الحصر يقتضي أن لا يوجد صغير تكلم في المهد إلا هؤلاء الثلاثة، وهم: عيسى، وصبيّ جريج، والصبيّ المتعوّذ من الجبّار، وقد جاء من حديث صهيب المذكور في تفسير سورة البروج في قصة الأخدود أن امرأة جيء بها لتُلْقَى في النار على إيمانها، ومعها صبيّ لها -في غير كتاب مسلم: يرضع- فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أمّه اصبري، فإنك على الحقّ، وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: إن شاهد يوسف كان صبيًّا في المهد، وقال الضحاك: تكلم في المهد ستة: شاهد يوسف، وصبيّ ماشطة امرأة فرعون، وعيسى، ويحيى، وصاحب جريج، وصاحب الأخدود.

قلت (١): فأسقط الضحاك صبيّ الجبّار، وذَكَر مكانه يحيى، وعلى هذا


(١) القائل القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-.